ذلك البيع فاسد فحمل الحديث على ظاهره وأخذ به وقد اتفق عمر وابن مسعود على صحته والقياس يقتضي فساده، ويحتمل أن يحمل كلام أحمد في رواية المروذي على فساد الشرط وفي رواية إسماعيل ابن سعيد على جواز البيع فيكون البيع صحيحا والشرط فاسدا كما لو اشتراها بشرط أن لا يبيعها، وقول احمد لا تقربها قد روي مثله فيمن اشترط في الأمة ان لا يبيعها ولا يهبها أو شرط عليه ولاءها ولا يقربها والبيع جائز واحتج بحديث عمر لا تقربها ولاحد فيها مثنوية، قال القاضي: وهذا على الكراهة لا على التحريم، قال ابن عقيل: عندي انه إنما منع من الوطئ لمكان الخلاف في العقد لكونه يفسد بفساد الشرط في بعض المذاهب {مسألة} قال (وإذا باع حائطا واستثنى منه صاعا يجز وان استثنى منه نخلة أو شجرة بعينها جاز) الكلام في هذه المسألة في فصلين (أحدهما) أنه إذا باع ثمرة بستان واستثنى صاعا أو آصعا أو مدا أو أمدادا أو باع صبرة واستثنى منها مثل ذلك لم يجز، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب والحسن والشافعي والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي، وقال أبو الخطاب فيه رواية أخرى أنه يجوز وهو قول ابن سيرين وسالم بن عبد الله ومالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثنيا الا أن تعلم رواه الترمذي وقال هو حديث حسن صحيح، وهذه ثنيا معلومة ولأنه استثنى معلوما أشبه ما إذا استثنى منها جزءا، ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا رواه البخاري ولان المبيع معلوم بالمشاهدة لا بالقدر والاستثناء يغير حكم المشاهدة لأنه لا يدري كم يبقى في حكم المشاهدة فلم يجز ويخالف الجزء فإنه لا يغير حكم المشاهدة ولا يمنع المعرفة بها (فصل) وان باع شجرة أو نخلة واستثنى أرطالا معلومة فالحكم فيه كما لو باع حائطا واستثنى آصعا وقال القاضي في شرحه يصح لأن الصحابة رضي الله عنهم أجازوا استثناء سواقط الشاة، والصحيح ما ذكرناه وهذا أشبه بمسألة الصاع من الحائط واليها أقرب، والمعنى الذي ذكرناه فيها متحقق ههنا فلا يصح والله أعلم.
(الفصل الثاني) أنه إذا استثنى نخلة أو شجرة بعينها جاز ولا نعلم في ذلك خلافا وذلك لأن المستثنى معلوم ولا يؤدي إلى جهالة المستثنى منه، وان استثنى شجرة غير معينة لم يجز لأن الاستثناء غير معلوم فصار المبيع والمستثنى مجهولين، وروي عن ابن عمر انه باع ثمرته بأربعة آلاف واستثنى طعام القيان وهذا يحتمل أنه استثنى نخلا معينا بقدر طعام القيان لأنه لو حمل على غير ذلك كان مخالفا لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثنيا الا أن تعلم ولان المستثنى متى كان مجهولا لزم أن يكون الباقي بعده مجهولا فلا يصح بيعه كما لو قال بعتك من هذه الثمرة طعام القيان.
(فصل) وان استثنى جزءا معلوما من الصبرة أو الحائط مشاعا كثلث أو ربع أو أجزاء كسبعين