فبأن يمشي أحدهما مستدبرا لصاحبه خطوات وقيل هو أن يبعد منه بحيث لا يسمع كلامه الذي يتكلم به في العادة. قال أبو الحارث سئل أحمد عن تفرقة الأبدان فقال إذا أخذ هذا كذا وهذا كذا فقد تفرقا. وروى مسلم عن نافع قال: فكان ابن عمر إذا بايع فأراد أن لا يقيله مشى هنيهة ثم رجع. وان كانا في دار كبيرة ذات مجالس وبيوت فالمفارقة أن يفارقه من بيت إلى بيت أو إلى مجلس أو صفة أو من مجلس إلى بيت أو نحو ذلك، فإن كانا في دار صغيرة فإذا صعد أحدهما السطح أو خرج منها فقد فارقه وان كانا في سفينة صغيرة خرج أحدهما منها ومشى وان كانت كبيرة صعد أحدهما على أعلاها ونزل الآخر في أسفلها وهذا كله مذهب الشافعي، فإن كان المشتري هو البائع مثل أن يشتري لنفسه من مال ولده أو اشترى لولده من مال نفسه لم يثبت فيه خيار المجلس لأنه تولى طرفي القعد فلم يثبت له خيار كالشفيع ويحتمل أن يثبت فيه ويعتبر مفارقة مجلس العقد للزومه لأن الافتراق لا يمكن ههنا لكون البائع هو المشتري، ومتى حصل التفرق لزم العقد قصدا ذلك أو لم يقصداه علماه أو جهلاه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق الخيار على التفرق وقد وجد ولو هرب أحدهما من صاحبه لزم العقد لأنه فارقه باختياره ولا يقف لزوم العقد على رضاهما ولهذا كان ابن عمر يفارق صاحبه ليلزم البيع، ولو أقاما في المجلس وسدلا بينهما سترا أو بنيا بينهما حاجزا أو ناما أو قاما فمضيا جميعا ولم يتفرقا فالخيار بحاله، وان طالت المدة لعدم التفرق وروى أبو داود والأثرم باسنادهما عن أبي الرضى قال: غزونا غزوة لنا فنزلا فباع صاحب لنا فرسا بغلام ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما فلما أصبحا من الغد وحضر الرحيل قام إلى فرسه يسرجه فندم فاتى الرجل وأخذ ه بالبيع فأبى الرجل أن يدفعه إليه فقال بيني وبينك أبو برزة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر فقال له هذه القصة فقال أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال رسول الله صلى الله عليه سلم " البيعان بالخيار
(٨)