وغيرها، وكل شيئين اتفقا في الجنس ثبت فيهما حكم الشرع بتحريم التفاضل وإن اختلفت الأنواع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " التمر بالتمر مثلا بمثل، والبر بالبر مثلا بمثل " الحديث بتمامه فاعتبر المساواة في جنس التمر بالتمر والبر بالبر، ثم قال " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم " وفي لفظ " فإذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم " وفي لفظ " الا ما اختلفت ألوانه " ولا خلاف بين أهل العلم علمناه في وجوب المساواة في التمر بالتمر وسائر ما ذكر في الخبر مع اتفاق الأنواع واختلافها (فصل) فإن كان المشتركان في الاسم الخاص من أصلين مختلفين فهما جنسان كالأدقة والأخباز والخلول والادهان، وعصير الأشياء المختلفة كلها أجناس مختلفة باختلاف أصولها، وحكي عن أحمد أن خل التمر وخل العنب وحكي ذلك عن مالك لأن الاسم الخاص يجمعهما، والصحيح أنهما جنسان لأنهما من أصلين مختلفين فكانا جنسين كدقيق الحنطة ودقيق الشعير وما ذكر للرواية الأخرى منتقض بسائر فروع الأصول التي ذكرناها، وكل نوع مبني على أصله فإذا كان شيان من أصلين فهما جنسان فزيت الزيتون وزيت البطم وزيت الفجل أجناس، ودهن السمك والشيرج ودهن الجوز ودهن اللوز والبزر أجناس، وعسل النحل وعسل القصب جنسان، وتمر النخل وتمر الهند جنسان. وكل شيئين أصلهما واحد فهما جنس واحد وإن اختلفت مقاصدهما، فدهن الورد والبنفسج والزئبق ودهن الياسمين إذا كان من دهن واحد فهي جنس واحد، وهذا الصحيح من مذهب الشافعي وله قول آخر لا يجري الربا فيها لأنها لا تقصد للأكل، وقال أبو حنيفة هي أجناس لأن مقاصدهما مختلفة. ولنا أنها كلها شيرج وإنما طيبت بهذه الرياحين فنسبت إليها فلم تصر أجناسا كما لو طيب سائر أنواع الأجناس، وقولهم لا تقصد الرياحين للاكل قلنا هي صالحة للاكل وإنما تعد لما هو أعلى منه فلا تخرج عن كونها مأكولة بصلاحها لغيره وقولهم انها أجناس لا يصح لأنها من أصل واحد ويشملها اسم واحد فكانت جنسا كأنواع التمرد والحنطة (فصل) وقد يكون الجنس الواحد مشتملا على جنسين كالتمر يشتمل على النوى وغيره وهما جنسان، واللبن يشتمل على المخيض والزبد وهما جنسان فما داما متصلين اتصال الخلقة فهما جنس واحد فإذا ميز أحدهما من الآخر صارا جنسين حكمهما حكم الجنسين الأصليين (فصل) في بيع التمر بالتمر وفروعه. يجوز بيع التمر بالتمر كيلا بكيل بغير خلاف وسواء تساويا في الجودة والرداءة وفي كونهما ينكبسان في المكيال أو اختلفا في ذلك، قيل لأحمد صاع تمر بصاع تمر وأحد التمرين يدخل في المكيال منه أكثر، فقال إنما هو صاع بصاع وذلك لقول النبي
(١٣٨)