لا يعلم تساويهما حالة الادخار فأشبه الرطب بالتمر، وذهب أبو حفص العكبري من أصحابنا إلى هذا وحمل كلام الخرقي عليه لقوله في اللحم لا يجوز بيع بعضه ببعض رطبا ويجوز إذا تناهى جفافه مثلا بمثل ومفهوم كلام الخرقي ههنا إباحة ذلك لأن مفهوم نهيه عليه السلام عن بيع التمر بالتمر إباحة بيع كل واحد منهما بمثله ولأنهما تساويا في الحال على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقصان فجاز كبيع اللبن باللبن والتمر بالتمر ولان قوله تعالى (وأحل الله البيع) عام خرج منه المنصوص عليه وهو بيع التمر بالتمر وليس هذا في معناه فبقي على العموم وما ذكره لا يصح فإن التفاوت كثير وينفرد أحدهما بالنقصان بخلاف مسئلتنا ولا بأس ببيع الحديث بالعتيق لأن التفاوت في ذلك يسير ولا يمكن ضبطه فيعفى عنه.
{مسألة} قال (ولا يباع ما أصله الكيل بشئ من جنسه وزنا ولا ما أصله الوزن كيلا) لا خلاف بين أهل العلم في وجوب المماثلة في بيع الأموال التي يحرم التفاضل فيها وأن المساواة المرعية هي المساواة في المكيل كيلا وفي الموزون وزنا، ومتى تحققت هذه المساواة لم يضر اختلافهما فيما سواها وإن لم يوجد لم يصح البيع وإن تساويا في غيرها، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وجمهور أهل العلم لا نعلم أحدا خالفهم الا مالكا قال يجوز بيع الموزونات بعضها ببعض جزافا ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب وزنا بوزن، والفضة بالفضة وزنا بوزن، والبر بالبر كيلا بكيل، والشعير بالشعير كيلا بكيل " رواه الأثرم في حديث عبادة، ورواه أبو داود ولفظه " البر بالبر مدي بمدي، والشعير بالشعير مدي بمدي، والملح بالملح مدي بمدي، فمن زاد أو ازداد فقد أربى " فأمر بالمساواة في الموزونات المذكورة في الوزن كما أمر بالمساواة في المكيلات في الكيل وما عدا الذهب والفضة من الموزونات مقيس عليهما ومشبه بهما، ولأنه جنس يجري فيه الربا فلم يجز بيع بعضه ببعض جزافا كالمكيل، ولأنه موزون من أموال الربا فأشبه الذهب والفضة ولان حقيقة الفضل مبطلة للبيع ولا نعلم عدم ذلك الا بالوزن فوجب ذلك كما في المكيل والأثمان، إذا ثبت هذا فإنه لا