قوله من سائر الأشياء يعني من جميعها وضع سائر موضع جميع تجوزا وموضوعها الأصلي لباقي الشئ، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الربا أحاديث كثيرة ومن أتمها ما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الذهب بالذهب مثلا بمثل، والفضة بالفضة مثلا بمثل، والتمر بالتمر مثلا بمثل والبر بالبر مثلا بمثل، والملح بالملح مثلا بمثل، والشعير بالشعير مثلا بمثل، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، بيعوا الذهب كيف شئتم يدا بيد، وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم بدا بيد، وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد " رواه مسلم، فهذه الأعيان المنصوص عليها يثبت الربا فيها بالنص والاجماع واختلف أهل العلم فيما سواها فحكي عن طاوس وقتادة أنهما قصرا الربا عليها وقالا لا يجري في غيرها وبه قال داود ونفاة القياس وقالوا ما عداها على أصل الإباحة لقول الله تعالى (وأحل الله البيع) واتفق القائلون بالقياس على أن ثبوت الربا فيها بعلة وأنه يثبت في كل ما وجدت فيه علتها، لأن القياس دليل شرعي فيجب استخراج علة هذا الحكم واثباته في كل موضع وجدت علته فيه، وقول الله تعالى (وحرم الربا) يقتضي تحريم كل زيادة إذ الربا في اللغة الزيادة إلا ما أجمعنا على تخصيصه (1) وهذا يعارض ما ذكروه. ثم اتفق أهل العلم على أن ربا الفضل لا يجري الا في الجنس الواحد الا سعيد بن جبير فإنه قال كل شيئين يتقارب الانتفاع بهما لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا كالحنطة بالشعير والتمر بالزبيب والذرة بالدخن لأنهما يتقارب نفعهما فجريا مجرى نوعي جنس واحد وهذا يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم " بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد، وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم " فلا يعول عليه ثم يبطل بالذهب بالفضة فإنه يجوز التفاضل فيهما مع تقاربهما، واتفق المعللون على أن علة الذهب
(١٢٤)