(فصل) وقبض كل شئ بحسبه فإن كان مكيلا أو موزونا بيع كيلا أو وزنا فقبضه بكيله ووزنه وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة التخلية في ذلك قيض، وقد روى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى أن القبض في كل شئ بالتخلية مع التمييز لأنه خلى بينه وبين المبيع من غير حائل فكان قبضا له كالعقار. ولنا ما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل " رواه البخاري، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري رواه ابن ماجة وهذا فيما بيع كيلا وإن بيع جزافا فقبضه نقله لأن ابن عمر قال كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعاما جزافا أن يبيعوه في مكانه حتى يحولوه وفي لفظ كنا نبتاع الطعام جزافا فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من مكانه الذي ابتعناه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه، وفي لفظ: كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله رواهن مسلم، وهذا يبين أن الكيل أنما وجب فيما بيع بالكيل، وقد دل على ذلك أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سميت الكيل فكل " رواه الأثرم. وإن كان المبيع دراهم أو دنانير فقبضها باليد، وإن كان ثيابا فقبضها نقلها، وإن كان حيوانا فقبضه تمشيته من مكانه، وإن كان مما لا ينقل ويحول فقبضه التخلية بينه وبين مشتريه لا حائل دونه، وقد ذكره الخرقي في باب الرهن فقال: إن كان مما ينقل فقبضه أخذه إياه من راهنه منقولا، وإن كان مما لا ينقل فقبضه تخلية راهنه بينه وبين مرتهنه لا حائل دونه، ولان القبض مطلق في الشرع فيجب الرجوع فيه إلى العرف كالاحراز والتفرق والعادة في قبض هذه الأشياء ما ذكرنا (فصل) وأجرة الكيال والوزان في المكيل والموزون على البائع لأن عليه تقبيض المبيع للمشتري والقبض لا يحصل الا بذلك فكان على البائع كما أن على بائع الثمرة سقيها وكذلك أجرة الذي يعد المعدودات، وأما نقل المنقولات وما أشبهه فهو على المشترى لأنه لا يتعلق به حق توفية نص عليه أحمد (فصل) ويصح القبض قبل نقد الثمن وبعده باختيار البائع وبغير اختياره لأنه ليس للبائع حبس المبيع على قبض الثمن ولان التسليم من مقتضيات العقد فمتى وجد بعده وقع موقعه كقبض الثمن {مسألة} قال (ومن اشترى ما يحتاج إلى قبضه لم يجز بيعه حتى يقبضه) قد ذكرنا الذي لا يحتاج إلى قبض والخلاف فيه وكل ما يحتاج إلى قبض إذا اشتراه لم يجز بيعه حتى يقبضه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه " متفق عليه، ولأنه من ضمان بائعه فلم يجز بيعه كالسلم ولم أعلم بين أهل العلم خلافا ألا ما حكي عن البتي أنه قال: لا بأس ببيع كل شئ قبل قبضه، وقال ابن عبد البر وهذا قول مردود بالسنة والحجة المجمعة على الطعام وأظنه لم يبلغه هذا الحديث ومثل هذا لا يلتفت إليه، وأما غير ذلك فيجوز بيعه قبل قبضه في أظهر الروايتين ويروى مثل هذا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وسعيد بن المسيب والحكم وحماد والأوزاعي وإسحاق، وعن
(٢٢٠)