بالمسلمين فإن مشتريها ربما خلطها بدراهم جيدة واشترى بها ممن لا يعرف حالها ولو كانت مما اصطلح على اتفاقه لم يكن نفاية، فإن قيل فقد روى عن عمر أنه قال من زافت عليه دراهمه فليخرج بها إلى البقيع فليشتر بها سحق الثياب. وهذا دليل على جواز انفاق المغشوشة التي لم يصطلح عليها، قلنا قد قال أحمد معنى زافت عليه دراهمه أي نفيت ليس أنها زيوف فيتيعن حمله على هذا جمعا بين الروايتين عنه ويحتمل انه أراد ما ظهر غشه وبان زيفه بحيث لا يخفى على أحد ولا يحصل بها تغرير وان تعذر تأويلها تعارضت الروايتان عنه ويرجع إلى ما ذكرنا من المعنى، ولا فرق بين ما كان غشه ذا بقاء وثبات كالرصاص والنحاس وما لا ثبات له كالزرنيخية والاندرانية وهو زرنيخ ونورة يطلى عليه فضة فإذا دخل النار استهلك الغش وذهب {مسألة} قال (ومتى انصرف المتصارفان قبل التقابض فلا بيع بينهما) الصرف بيع الأثمان بعضها ببعض والقبض في المجلس شرط لصحته بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا ان الصرف فاسد، والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم " الذهب بالورق ربا الا هاء وهاء " وقوله عليه السلام " بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد " ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا، ونهى أن يباع غائب منها بناجز، كلها أحاديث صحاح، ويجزئ القبض في المجلس وان طال، ولو تماشيا مصطحبين إلى منزل أحدهما أو إلى الصراف فتقابضا عنده جاز، وبهذا قال الشافعي، وقال مالك لاخير في ذلك لأنهما فارقا مجلسهما، ولنا أنهما لم يفترقا قبل التقابض فأشبه ما لو كانا في سفينة تسير بهما أو راكبين على دابة واحدة تمشي بهما، وقد دل على ذلك حديث أبي برزة الأسلمي للذين مشيا إليه من جانب العسكر: وما أراكما افترقتما. وان تفرقا قبل التقابض بطل الصرف لفوات شرطه، وان قبض البعض ثم افترقا بطل فيما لم يقبض وفيما يقابله من العوض وهل يصح في المقبوض على وجهين بناء على تفريق الصفقة، ولو وكل أحدهما وكيلا في القبض فقبض الوكيل قبل تفرقهما جاز وقام قبض وكيله مقام قبضه سواء فارق الوكيل المجلس قبل القبض أولم يفارقه، وان افترقا قبل قبض الوكيل بطل لأن القبض في المجلس شرطه وقد فات، وان تخايرا قبل القبض في المجلس لم يبطل العقد بذلك لأنهما لم يفترقا قبل القبض ويحتمل ان يبطل إذا قلنا بلزوم
(١٧٧)