قيمتها، فإن قيل فلم لا ينفسخ عقد الرهن كما تنفسخ الإجارة؟ قلنا الإجارة عقد على منفعة السكنى وقد تعذرت وعدمت فبطل العقد لعدم المعقود عليه، والرهن عقد استيثاق يتعلق بالأعيان التي فيها المالية وهي باقية فعلى هذا تكون العرصة والانقاض من الأخشاب والأحجار ونحوها من الرهن لأن العقد ورد على جميع الأعيان والانقاض منها وما دخل في العقد استقر بالقبض (فصل) وكل عين جاز بيعها جاز رهنها لأن مقصود الرهن الاستيثاق بالدين للتوصل إلى استيفائه من ثمن الرهن ان تعذر استيفاؤه من ذمة الراهن وهذا يتحقق في كل عين جاز بيعها ولان ما كان محلا للبيع كان محلا لحكمة الرهن ومحل الشئ محل لحكمته الا أن يمنع مانع من ثبوته أو يفوت شرط فينتفي الحكم لانتفائه فيصح رهن المشاع لذلك وبه قال ابن أبي ليلى ومالك والبتي والأوزاعي وسوار والعنبري والشافعي وأبو ثور، وقال أصحاب الرأي لا يصح رهنه الا أن يرهنه من شريكه أو يرهنها الشريكان من رجل واحد، أو يرهن رجلا داره من رجلين فيقبضانها معا لأنه عقد تخلف عنه مقصوده لمعنى اتصل به فلم يصح كما لو تزوج أخته من الرضاع. بيانه ان مقصوده الحبس الدائم والمشاع لا يمكن المرتهن حبسه لأن شريكه ينتزعه يوم نوبته ولان استدامة القبض شرط وهذا يستحق زوال اليد عنه لمعنى قارن العقد فلم يصح رهنه كالغصب. ولنا انها عين يجوز بيعها في محل الحق فيصح رهنها كالمفرزة ولا نسلم ان مقصوده الحبس بل مقصوده استيفاء الدين من ثمنه عند تعذره من غيره والمشاع قابل لذلك، ثم يبطل ما ذكروه برهن القاتل والمرتد والمغصوب ورهن ملك غيره بغير اذنه من غير ولاية فإنه يصح عندهم (فصل) ويصح أن يرهن بعض نصيبه من المشاع كما يصح أن يرهن جميعه سواء رهنه مشاعا في نصيبه مثل أن يرهن نصف نصيبه أو يرهن نصيبه من معين مثل أن يكون له نصف دار فيرهن نصيبه من بيت منها بعينه وقال القاضي: يحتمل أن لا يصح رهن حصته من معين من شئ تمكن قسمته لاحتمال أن يقتسم الشريكان فيحصل الرهن في حصة شريكه، ولنا أنه يصح بيعه فصح رهنه كغيره وما ذكره لا يصح لأن الراهن ممنوع من التصرف في الرهن بما يضر بالمرتهن فيمنع من القسمة المضرة كما يمنع من بيعه.
(٣٧٥)