الا ما روى عن أبي يوسف رحمه الله لا يصح وعليه العشرة والصحيح جواب ظاهر الرواية لان المنقول عن أئمة اللغة رحمهم الله ان الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا وهذا المعنى كما يوجد في استثناء القليل من الكثير يوجب في استثناء الكثير من القليل الا أن هذا النوع من الاستثناء غير مستحسن عند أهل اللغة لأنهم إنما وضعوا الاستثناء لحاجتهم إلى استدراك الغلط ومثل هذا الغلط مما يندر وقوعه غاية الندرة فلا حاجة إلى استدراكه لكن يحتمل الوقوع في الجملة فيصح (وأما) استثناء الكل من الكل بأن يقول لفلان على عشرة دراهم الا عشرة دراهم فباطل وعليه عشرة كامله لان هذا ليس باستثناء إذ هو تكلم بالحاصل بعد الثنيا ولا حاصل ههنا بعد الثنيا فلا يكون استثناء بل يكون ابطالا للكلام ورجوعا عما تكلم به والرجوع عن الاقرار في حق العباد لا يصح فبطل الرجوع وبقى الاقرار ولو قال لفلان على عشرة دراهم الا درهما زائفا لا يصح الاستثناء عند أبي حنيفة رضي الله عنه وعليه عشرة جياد وقال أبو يوسف يصح وعليه عشرة جياد للمقر له وعلى المقر له درهم زائف للمقر بناء على أن الأصل عند أبي حنيفة رحمه الله أن المقاصة لا تقف على صفة الجودة بل تقف على الوزن وعند أبي يوسف لا تتحقق المقاصة الا بهما جميعا ووجه البناء على هذا الأصل أنه لو صح الاستثناء لوجب على المقر له درهم زائف وحينئذ تقع المقاصة لان اختلاف صفة الجودة لا تمنع المقاصة عنده وإذا وقعت المقاصة يصير المستثنى درهما جيدا لا زائفا وهذا خلاف موجب تصرفه فلم يصح الاستثناء وعند أبي يوسف رحمه الله لما كان اتحادهما في صفة الجودة شرطا لتحقق المقاصة ولم يوجد ههنا لا تقع المقاصة وإذا لم تقع كان الواجب على كل واحد منهما أداء ما عليه فلا يؤدى إلى تغيير موجب الاستثناء فيصح الاستثناء والصحيح أصل أبي حنيفة رضي الله عنه لان الجودة في الأموال الربوية ساقطة الاعتبار شرعا لقول النبي عليه الصلاة والسلام جيدها ورديئها سواء والساقط شرعا والعدم حقيقة سواء ولو انعدمت حقيقة لوقعت المقاصة كذا إذا انعدمت شرعا ولو قال لفلان على عشرة دراهم الا درهم ستوق فقياس قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله انه يصح الاستثناء وعليه عشرة دراهم الا قيمة درهم ستوق وقياس قول محمد وزفر رحمهما الله انه لا يصح الاستثناء أصلا وعليه عشرة كاملة بناء على أن المجانسة ليست بشرط لصحة الاستثناء عند أبي حنيفة وأبى يوسف عليهما الرحمة وعند محمد وزفر شرط على ما سنذكره إن شاء الله تعالى ولو قال لفلان على ألف الا قليلا فعليه أكثر من نصف الألف والقول في الزيادة على الخمسمائة قوله لان القليل من أسماء الإضافة فيقتضى أن يكون ما يقابله أكثر منه ليكون هو بالإضافة إليه قليلا فإذا استثنى القليل من الألف فلا بد وإن يكون المستثنى منه أكثر من المستثنى وهو الأكثر من نصف الألف ولهذا قال بعض أهل التأويل في قوله تبارك وتعالى يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا ان استثناء القليل من الامر بقيام الليل يقتضى الامر بقيام أكثر الليل والقول في مقدار الزيادة على نصف الألف قوله لأنه المجمل في قدر الزيادة فكان البيان إليه وكذلك إذا قال الأشياء لان الاستثناء بلفظة شئ لا يستعمل الا في القليل هذا إذا كان المستثنى من جنس المستثنى منه فإن كان من خلاف جنسه ينظر إن كان المستثنى مما لا يثبت دينا في الذمة مطلقا كالثوب لا يصح الاستثناء وعليه جميع ما أقر به عندنا بأن قال له على شعرة دراهم الا ثوبا وعند الشافعي رحمه الله يصح ويلزمه قدر قيمة الثوب وإن كان المستثنى مما يثبت دينا في الذمة مطلقا من المكيل والموزون والعددي المتقارب بان قال لفلان على عشرة الا درهم أو الا قفيز حنطة أو مائة دينار الا عشرة دراهم أو دينار الا مائة جوزة يصح الاستثناء عند أبي حنيفة وأبى يوسف رضي الله عنهما ويطرح مما أقر به قدر قيمة المستثنى وعند محمد وزفر رحمهما الله لا يصح الاستثناء أصلا (اما) الكلام مع الشافعي رحمه الله في المسألة الأولى فوجه قول الشافعي رحمه الله أن لنص الاستثناء حكما على حدة كما لنص المستثنى منه من النفي والاثبات لان الاستثناء من النفي اثبات ومن الاثبات نفى لغة فقوله لفلان على عشرة دراهم الا درهما معناه الا درهما فإنه ليس على فيصير دليل النفي معارضا لدليل الاثبات في قدر المستثنى ولهذا قال إن الاستثناء يعمل بطريق المعاوضة فصار قوله لفلان على ألف درهم الا ثوبا أي الا ثوبا فإنه ليس على من الألف ومعلوم ان عين
(٢١٠)