والألفين والله سبحانه وتعالى أعلم هذا إذا رجع الاستدراك إلى المقر به فاما إذا رجع إلى المقر له بان قال هذه الألف لفلان لا بل لفلان وادعاها كل واحد منهما يدفع إلى المقر له الأول لأنه لما أقر بها للأول صح اقراره له فصار واجب الدفع إليه فقوله لا بل لفلان رجوع عن الاقرار الأول فلا يصح رجوعه في حق الأول ويصح اقراره بها للثاني في حق الثاني ثم إن دفعه إلى الأول بغير قضاء القاضي يضمن للثاني لان اقراره بها للثاني في حق الثاني صحيح ان لم يصح في حق الأول وإذا صح صار واجب الدفع إليه فإذا دفعها إلى الأول فقد أتلفها عليه فيضمن وان دفعها إلى الأول بقضاء القاضي لا يضمن لأنه لو ضمن لا يخلو اما أن يضمن بالدفع (واما) أن يضمن بالاقرار لا سبيل إلى الأول لأنه مجبور في الدفع من جهة القاضي فيكون كالمكره ولا سبيل إلى الثاني لان الاقرار للغير بملك الغير لا يوجب الضمان ولو قال غصبت هذا العبد من فلان لا بل من فلان يدفع إلى الأول ويضمن للثاني سواء دفع إلى الأول بقضاء أو بغير قضاء بخلاف المسألة الأولى (ووجه) الفرق أن الغصب سبب لوجوب الضمان فكان الاقرار به اقرارا بوجود سبب وجوب الضمان وهو رد العين عند القدرة وقيمة العين عند العجز وقد عجز عن رد العين إلى المقر له الثاني فيلزمه رد قيمته بخلاف المسألة الأولى لان الاقرار بملك الغير للغير ليس بسبب لوجوب الضمان لانعدام الاتلاف وإنما التلف في تسليم مال الغير إلى الغير باختياره على وجه يعجز عن الوصول إليه فلا جرم إذا وجد يجب الضمان وكذلك لو قال هذه الألف لفلان أخذتها من فلان أو أقرضنيها فلان وادعاها كل واحد منهما فهي للمقر له الأول ويضمن للذي أقر أنه أخذ منه أو أقرضه ألفا مثله لان الاخذ والقرض كل واحد منهما سبب لوجوب الضمان فكان الاقرار بهما اقرارا بوجود سبب وجوب الضمان فيرد الألف القائمة إلى الأول لصحة اقراره بها له ويضمن للثاني ألفا أخرى ضمانا للاخذ والقرض ولو قال أودعني فلأن هذه الألف لا بل فلان يدفع إلى المقر له الأول لما بينا ثم إن دفع إليه بغير قضاء القاضي يضمن للثاني بالاجماع وان دفع بقضاء القاضي فعند أبي يوسف لا يضمن وعند محمد يضمن (وجه) قول محمد رحمه الله ان اقراره بالايداع من الثاني صحيح في حق الثاني فوجب عليه الحفظ بموجب العقد وقد فوته بالاقرار للأول بل استهلكه فكان مضمونا عليه (وجه) قول أبى يوسف رحمه الله ان فوات الحفظ والهلاك حصل بالدفع إلى الأول بالاقرار والدفع بقضاء القاضي لا يوجب الضمان لما بينا ولو قال دفع إلى هذه الألف فلان وهي لفلان وادعى كل واحد منهما انها له فهي للدافع لان اقراره بدفع فلان قد صح فصار واجب الرد عليه وهذا يمنع صحة اقراره للثاني في حق الأول لكن يصح في حق الثاني ولو قال هذه الألف لفلان دفعها إلى فلان فهي للمقر له بالملك ولا يكون للدافع شئ فإذا ادعى الثاني ضمن له ألفا أخرى لما بينا ان الاقرار بها للأول يوجب الرد إليه وهذا يمنع صحة اقراره للثاني في حق الأول لكنه يصح في حق الثاني ثم إن دفعه إلى الأول بغير قضاء القاضي يضمن وان دفعه بقضاء القاضي فكذلك عند محمد وعند أبي يوسف لا يضمن والحجج من الجانبين على نحو ما ذكرنا ولو قال هذه الألف لفلان ارسل بها إلى فلان فإنه يردها على الذي أقر انها ملكه وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى لما قلنا ولا يصح اقراره للثاني عند أبي حنيفة فرق أبو حنيفة عليه الرحمة بين العين والدين بان قال لفلان على ألف درهم قبضتها من فلان فادعاها كل واحد منهما أن عليه لكل واحد منهما ألفا (ووجه) الفرق ان المقر به للأول هناك ألف في الذمة فيلزمه ذلك باقراره له ولزمه ألف أخرى لفلان باقراره بقبضها منه إذا القبض سبب لوجوب المضان فلزمه الفان وههنا المقر به عين مشار إليها فمتى صح اقراره بها لم يصح للثاني وذكر قول أبى يوسف في الأصل في موضعين أحدهما انه لا ضمان عليه للثاني بحال بانتهاء الرسالة بالوصول إلى المقر وفى الاخر انه ان دفع بغير قضاء القاضي يضمن فان قال الذي أقر له انها ملكه ليست الألف لي وادعاها الرسول لان اقراره للأول قد ارتد برده وقد أقر باليد للرسول فيؤمر بالرد إليه ولو كان الذي أقر له أنها ملكه غائبا وأراد الرسول أن يأخذها وادعاها لنفسه لم يأخذها كذا روى عن أبي يوسف لان رسالته فقد انتهت بالوصول إلى المقر ولو أقر إلى خياط فقال هذا الثوب أرسله إلى فلان لاقطعه قميصا وهو لفلان فهو للذي
(٢١٣)