أبطل الحقين فيضمنها ولو قتله أجنبي يضمن قيمة واحدة لأن الضمان الواجب بالقتل ضمان اتلاف النفس والنفس واحدة فلا يتعدد ضمانها فاما الضمان الواجب بالاعتاق فضمان ابطال الحق فيتعدد ضمانه فهو الفرق والله تعالى الموفق فان قيل لم لا يشارك أصحاب الدين أصحاب الجناية فالجواب لاختلاف محل الحقين فالدفع يتعلق بالعين والدين يتعلق بمالية العين وهما محلان مختلفان فتعذرت المشاركة والله تعالى أعلم وكذلك يملك اعتاق المدبر وأم الولد المأذونين في التجارة لما قلنا ولو أعتقهما وعليهما دين فلا ضمان على المولى من الدين ولا من قيمة المدبر وأم الولد لان دين التجارة لم يتعلق برقبتهما فخروجهما عن احتمال الاستيفاء منهما بالتدبير والاستيلاء فلم يوجد منه اتلاف حق الغرماء فلا يضمن وهل يملك اعتاق كسب عبده المأذون لا خلاف في أنه إذا لم يكن على المأذون دين أصلا يملك وينفذ اعتاقه ولا شئ عليه لان الاعتاق صادف محلا هو خالص ملكه لا حق لاحد فيه فينفذ ولا يضمن شيئا وإن كان عليه دين فإن كان كثيرا يحيط برقبته كسبه لا يملك ولا ينفذ اعتاقه عند أبي حنيفة رضي الله عنه الا أن يسقط حق الغرماء بان يقضى المولى دينهم أو تبرئه الغرماء من الدين أو يشتريه المولى من الغرماء وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يملك وينفذ اعتاقه ويضمن قيمته إن كان موسرا وإن كان معسرا سعى العبد فيه ويرجع على المالك والمسألة تعرف بان المولى يملك كسب عبده المأذون المديون دينا مستغرقا لرقبته وكسبه عنده لا يملك وعندهما يملك وجه قولهما أن رقبة المأذون وأن تعلق بها حق الغرماء فهي ملك المولى ألا ترى أنه ملك اعتاقه وملك الرقبة علة مهلك الكسب فيملك الكسب كما يملك الرقبة وجه قول أبي حنيفة رضي الله عنه أن شرط ثبوت الملك للمولى في كسب العبد فراغه عن حاجة العبد ولم يوجد فلا يثبت الملك له فيه كما لا يثبت للوارث في التركة المستغرقة بالدين والدليل على أن الفراغ شرط أن الملك للمولى في كسب العبد ثبت معدولا به عن الأصل انه لم يحصل بكسبه حقيقة وقال الله تبارك وتعالى وأن ليس للانسان إلا ما سعى وهذا ليس من سعيه حقيقة فلا يكون له بظاهر النص الا أن الكسب الفارغ عن حاجة العبد خص عن عموم النص وجعل ملكا للمولى فبقي الكسب المشغول بحاجته على ظاهر النص هذا إذا كان الدين محيطا بالرقبة والكسب فإن لم يكن محيطا بهما فلا شك انه لا يمنع الملك عندهما لان المحيط عندهما لا يمنع فغير المحيط أولى (وأما) أبو حنيفة رضي الله عنه فقد كأن يقول أولا يمنع حتى لا يصح اعتاقه شيئا من كسبه ثم رجع وقال لا يمنع وجه قوله الأول ما ذكرنا أن الفراغ شرط ثبوت الملك له فالشغل وان قل يكون مانعا وجه قوله الاخر أن المانع من ملك المولى كون الكسب مشغولا لحاجة العبد وبعضه مشغول وبعضه فارغ (فاما) أن يعتبر جانب الشغل في المنع من ثبوت الملك له في كله (واما) أن يعتبر جانب الفراغ في ايجاب الملك له في كله واعتبار جانب الفراغ أولى لأنا إذا اعتبرنا جانب الفراغ فقد راعينا حق الملك باثبات الملك له وحق الغرماء باثبات الحق لهم فإذا اعتبرنا جانب الشغل فقد راعينا جانب الغرماء وأبطلنا حق المالك أصلا فقضينا حق المالك بتنفيذ اعتاقه وقضينا حق الغرماء بالضمان صيانة للحقين عن الابطال عملا بالدليلين بقدر الامكان ولهذا ثبت الملك للوارث في كل التركة إذا لم يكن الدين محيطا بها كذا هذا ولو أعتقه ثم قضى المولى دين الغرماء من خالص ملكه أو أبرأه الغرماء نفذ اعتاقه عند عامة أصحابنا رحمهم الله تعالى وقال الحسن بن زياد رحمه الله لا ينفذ وجه قول الحسن أن الاعتاق صادف كسبا مشغولا بحاجة العبد لان الملك ثبت مقصورا على حال القضاء والابراء فيمنع النفاذ كما إذا أعتق عبد مكاتبه ثم عجز المكاتب انه لا ينفذ اعتاقه كذا هذا (ولنا) أن النفاذ كان موقوفا على سقوط حق الغرماء وقد سقط حقهم بالقضاء والابراء فظهر النفاذ من حين وجوده من كل وجه بخلاف ما إذا أعتق عبدا من اكساب مكاتبه لان المكاتب أحق باكسابه من المولى لأنه فيما يرجع إلى اكسابه كالحر وبالعجز لا يتبين انه لم يكن أحق بكسبه فلم ينفذ اعتاق المولى وعلى هذا الخلاف لو أعتق الوارث عبدا من التركة المستغرقة بالدين ثم قضى الوارث الدين من مال نفسه أو أبرأ الغرماء الميت من الدين انه ينفذ اعتاقه خلافا للحسن ولو وطئ المولى جارية العبد المأذون وعليه دين محيط فجاءت بولد فادعاه ثبت نسبه منه وصارت
(١٩٩)