النقصان عندنا خلافا للشافعي رحمه الله بناء على الأصل الذي ذكرنا وإن كان المغصوب اناء فضة أو ذهب فانهشم في يد الغاصب أو هشمه فالمالك بالخيار ان شاء أخذه بعينه ولا شئ له غيره وان شاء ضمنه قيمته من خلاف الجنس لان الجودة لا قمية لها بانفرادها فاما مع الأصل فمتقومة خصوصا إذا حصلت بصنع العباد فلابد من التضمين والتضمين بالمثل غير ممكن لأنه لا مثل له فوجب التضمين بالقيمة ثم لا سبيل إلى تضمينه بجنسه لأنه يؤدى إلى الربا فلزم تضمينه بخلاف جنسه بخلاف الدراهم والدنانير لان هناك ايجاب بالمثل ممكن هو الأصل في الباب فلا يعدل عن الأصل من غير ضرورة ولو قضى عليه بالقيمة من خلاف الجنس ثم تفرقا قبل التقابض من الجانبين لا يبطل القضاء عند أصحابنا الثلاثة رضي الله عنهم لان القيمة قامت مقام العين وعند زفر رحمه الله يبطل لأنه صرف وكذلك آنية الصفر والنحاس والشبة والرصاص إن كانت تباع وزنا فهي وآنية الذهب والفضة سواء لأنها إذا كانت تباع وزنا لم تخرج بالصناعة عن حد الوزن فكانت موزونة فكانت من أموال الربا كالذهب والفضة فإذا انهشمت في يد الغاصب نفسه أو غيره فحدث فيها عيب فاحش أو يسير ان شاء أخذه كذلك ولا شئ له غيره وان شاء تركه عليه بالقيمة من الدراهم والدنانير ولا يكون التقابض فيه شرطا بالاجماع وكذلك هذا الحكم في كل مكيل وموزون إذا نقص من وصفه لا من الكيل والوزن وإن كانت تباع عددا فانكسرت أو كسرت إن كان ذلك لم يورث فيه عيبا فاحشا فليس لصاحبه فيه خيار الترك ولكنه يأخذها ويضمنه نقصان القيمة وإن كان أورث عيبا فاحشا فصاحبها بالخيار ان شاء أخذها وأخذ قيمة النقصان وان شاء تركها عليه وضمنه قيمتها صحيحا وعلى هذا يخرج ما إذا غصب عصيرا فصار خلا في يده أو لبنا حليبا فصار مخيضا أو عنبا فصار زبيبا أو رطبا فصار تمرا ان المغصوب منه بالخيار ان شاء أخذ ذلك الشئ بعينه ولا شئ له غيره لأن هذه من أموال الربا فلم تكن الجودة فيها بانفرادها متقومة فلا تكون متقومة وان شاء تركه على الغاصب وضمنه مثل ما غصب لما ذكرنا فيما تقدم وأما طريق معرفة النقصان فهو ان يقوم صحيحا ويقوم وبه العيب فيجب قدر ما بينهما لأنه لا يمكن معرفة قدر النقصان الا بهذا الطريق والله سبحانه وتعالى أعلم وأما الذي يتعلق بحال زيادة المغصوب فنقول وبالله التوفيق إذا حدثت زيادة في المغصوب في يد الغاصب فالزيادة لا تخلو اما إن كانت منفصلة عن المغصوب واما إن كانت متصلة به فإن كانت منفصلة عنه أخذها المغصوب منه مع الأصل ولا شئ عليه للغاصب سواء كانت متولدة من الأصل كالولد والثمرة واللبن والصوف أو ما هو في حكم المتولد كالأرش والعقر أو غير متولدة منه أصلا كالكسب من الصيد والهبة والصدقة ونحوها لان المتولد منها نماء ملكه فكان ملكه وما هو في حكم المتولد بدل جزء مملوك أو بدل ماله حكم الجزء فكان مملوكا له وغير المتولد كسب ملكه فكان ملكه وأما بدل المنفعة وهو الأجرة بان آجر الغاصب المغصوب يملكه الغاصب عندنا ويتصدق به خلافا للشافعي رحمه الله بناء على أن المنافع ليست بأموال متقومة بأنفسها عندنا حتى لا تضمن بالغصب والاتلاف وإنما يتقوم بالعقد وانه وجد من الغاصب وعنده هي أموال متقومة بأنفسها مضمونة بالغصب والاتلاف كالأعيان وقد ذكرنا المسألة فيما تقدم والله سبحانه وتعالى أعلم وإن كانت متصلة به فإن كانت متولدة كالحسن والجمال والسمن والكبر ونحوها أخذها المالك مع الأصل ولا شئ عليه للغاصب لأنها نماء ملكه وإن كانت غير متولدة منه ينظر إن كانت الزيادة عين مال متقوم قائم في المغصوب وهو تابع للمغصوب فالمغصوب منه بالخيار على ما نذكر إن شاء الله تعالى وان لم تكن عين مال متقوم قائم أخذها المغصوب منه ولا شئ للغاصب وإن كانت عين مال متقوم ولكنه ليس ببيع للمغصوب بل هي أصل بنفسها تزول عن ملك المغصوب منه وتصير ملكا للغاصب للضمان وبيان هذا في مسائل إذا غصب من إنسان ثوبا فصبغه الغاصب بصبغ نفسه فان صبغه أحمر أو اصفر بالعصفر والزعفران وغيرهما من الألوان سوى السواد فصاحب الثوب بالخيار ان شاء أخذ الثوب من الغاصب وأعطاه ما زاد الصبغ فيه اما ولاية اخذ الثوب فلان الثوب ملكه لبقاء اسمه ومعناه واما ضمان ما زاد الصبغ فيه فلان للغاصب عين مال متقوم قائم فلا سبيل إلى ابطال
(١٦٠)