تناولت الأصل والتبع جميعا فقد اجتمع في التبع وصيتان فيشتركان فيه ويسلم الأصل لصاحب الأصل وهذا حجة محمد رحمه الله تعالى في المسألة المتقدمة ولو أوصى بعبده لانسان ثم أوصى بخدمته لآخر ثم أوصى له بالعبد بعدما أوصى له بالخدمة أو أوصى بخاتمه لانسان ثم أوصى بفصه لآخر ثم أوصى له بالخاتم بعدما أوصى له بالفص أو أوصى بجاريته لانسان ثم أوصى بولدها لآخر ثم أوصى له بالجارية بعدما أوصى له بولدها فالأصل والتبع بينهما نصفان نصف العبد لهذا ونصفه للآخر ولهذا نصف خدمته وللآخر نصف خدمته وكذا في الجارية مع ولدها والخاتم مع الفص لان الوصية لأحدهما بالأصل وصية بالتبع ويبطل حكم الوصية بالتبع بانفراده وصار كأنه أوصى لكل واحد بالأصل والتبع نصا ولو كان كذلك لاشتركا في الأصل والتبع كذا هذا فإن كان أوصى للثاني بنصف العبد يقسم العبد بينهما أثلاثا وكان للثاني نصف الخدمة لأنه لما أوصى له بنصف العبد بطلت وصيته في خدمة ذلك النصف لدخولها تحت الوصية بنصف العبد وبقيت وصيته بالخدمة في النصف الآخر وذكر ابن سماعة ان أبا يوسف رجع عن هذا وقال إذا أوصى بالعبد لرجل وأوصى بخدمته لآخر ثم أوصى برقبة العبد أيضا لصاحب الخدمة فان العبد بينهما والخدمة كلها للموصى له بالخدمة لافراده بالوصية بالخدمة فوقع صحيحا فلا تبطل بالوصية بالرقبة فصار الموصى له الثاني موصى له بالرقبة والخدمة على الانفراد فيستحق نصف الرقبة لمساواته صاحبه في الوصية بها وينفرد بالوصية بالخدمة وقال لو أوصى لرجل بأمة تخرج من الثلث وأوصى لآخر بما في بطنها وأوصى بها أيضا للذي أوصى له بما في البطن فالأمة بينهما نصفان والولد كله للذي أوصى له به خاصة لا يشركه فيه صاحبه لما ذكرنا انهما تساويا في استحقاق الرقبة وانفرد صاحب الولد بالوصية به خاصة ولو أوصى بالدار لرجل وأوصى ببيت فيها بعينه لآخر فان البيت بينهما بالحصص وكذا لو أوصى بألف درهم بعينها لرجل وأوصى بمائة منها لآخر كان تسعمائة لصاحب الألف والمائة بينهما نصفان لان اسم الدار يتناول البيوت التي فيها بطريق الأصالة لا بطريق التبعية وكذا اسم الألف يتناول كل مائة منها بطريق الأصالة وكان كل واحد منهما أصلا في كونه موصى به فيكون بينهما وهذا مما لا خلاف فيه وإنما الخلاف في كيفية القسمة فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى على طريق المنازعة وعند أبي يوسف على طريق المضاربة فيقسم على أحد عشر لصاحب المائة جزء من أحد عشر في المائة ولصاحب الألف عشرة أجزاء في جميع الألف وكذلك الدار والبيت ولو أوصى ببيت بعينه لرجل وساحته لآخر كان البناء بينهما بالحصص لان البيت لا يسمى بيتا بدون البناء فكانت وصية الأول متناولة للبناء بطريق الأصالة فيشارك الموصى له بالساحة بخلاف الوصية بدار لانسان وببنائها لآخر انهما لا يشتركان في البناء بل تكون العرصة للموصى له بالدار والبناء لآخر لان اسم الدار لا يتناول البناء بطريق الأصالة بل بطريق التبعية إذ الدار اسم للعرصة في اللغة والبناء فيها تبع بدليل انها تسمى دارا بعد زوال البناء فكان دخول البناء في الوصية بالدار من طريق التبعية فكانت العرصة للأول والبناء للثاني والله تعالى اعلم (واما) الرجوع الثابت من طريق الضرورة فنوعان أحدهما ان يتصل بالعين الموصى به زيادة لا يمكن تسليم العين بدونها كما إذا أوصى بسويق ثم لته بالسمن لان الموصى به اتصل بما ليس بموصى به بحيث لا يمكن تسليمه بدونه لتعذر التمييز بينهما فثبت الرجوع ضرورة وكذا إذا وصى بدار ثم بنى فيها أو أوصى بقطن ثم حشاه جبة فيه أو أوصى ببطانة ثم بطن بها أو بظهارة ثم ظهر بها لأنه لا يمكن تسليم الموصى به الا بتسليم ما اتصل به ولا يمكن تسليمه الا بالنقض ولا سبيل إلى التكليف بالنقض لأنه تصرف في ملك نفسه فجعل رجوعا من طريق الضرورة ويمكن اثبات الرجوع في هذه المسائل من طريق الدلالة أيضا لان اتصال الموصى به بغيره حصل بصنع الموصى فكان تعدد التسليم مضافا إلى فعله وكان رجوعا منه دلالة والثاني أن يتغير الموصى به بحيث يزول معناه واسمه سواء كان التغيير إلى الزيادة أو إلى النقصان كما إذا أوصى لانسان بثمر هذا النخل ثم لم يمت الموصى حتى صار بسرا أو أوصى له بهذا البسر ثم صار رطبا أو أوصى بهذا العنب فصار زبيبا أو بهذا السنبل فصار حنطة أو بهذا القصيل فصار شعيرا أو بالحنطة المبذورة في
(٣٨٤)