ان اثبات الاستواء على سبيل الاجتماع غير ممكن (ولو قال) سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في مجلس آخر ثلث مالي لفلان فأجازت الورثة فله ثلث المال لان الموصى أثبت الثلث فثبت وهو يتضمن السدس فثبت المتضمن به بثبوت المتضمن فيصير كأنه أعاد الأول زيادة ولو قال سدس مالي لفلان وصية سدس مالي لفلان فإنما هو سدس واحد لان الأصل ان المعرفة إذا كررت كان المراد بالثاني هو الأول والسدس ههنا ذكر معرفة لاضافته إلى المال المعروف بالإضافة إلى ضمير المتكلم والله تعالى أعلم وعلى هذا يخرج ما إذا أوصى بخاتم لفلان وبفصه لفلان آخر وجملة الكلام فيه ان الامر لا يخلو اما إن كانت الوصيتان في كلام واحد متصل واما إن كانتا في كلام منفصل فإن كانتا في كلام منفصل فالحلقة للموصى له بالخاتم والفص للموصى له بالفص بلا خلاف وإن كانتا في كلام منفصل فكذلك في قول أبى يوسف وقيل إنه قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى أيضا وقال محمد رحمه الله تعالى الحلقة للموصى له بالخاتم والفص بينهما (وجه) قوله إن الوصية بالخاتم تتناول الحلقة والفص وبالوصية لآخر بالفص لم يتبين ان الفص لم يدخل وإذا كان كذلك بقي الفص داخلا في الوصية بالخاتم وإذا أوصى بالفص لآخر فقد اجتمع في الفص وصيتان فيشتركان فيه ويسلم الحلقة للأول ولأبي يوسف رحمه الله تعالى ان اسم الخاتم يتناول الفص الذي فيه اما بطريق التضمن لأنه جزء من أجزاء الخاتم بمنزلة اسم الانسان انه يتناول جميع أجزائه بطريق التضمن واما بطريق التبعية لكن عند الاطلاق فإذا أفرد البعض بالوصية لا آخر تبين انه لم يتناوله حيث جعله منصوصا عليه أو مقصودا بالوصية فبطلت التبعية لان الثابت نصا فوق الثابت ضمنا وتبعا والأصل في الوصايا ان يقدم الأقوى فالأقوى وصار هذا كما إذا أوصى بعبده لانسان وبخدمته لآخر ان الرقبة تكن للموصى له الأول والخدمة للموصى له الثاني لما قلنا كذا هذا وبهذا تبين ان هذا ليس نظير اللفظ العام إذا ورد عليه التخصيص لان اللفظ العام يتناول كل فرد من أفراد العموم بحروفه فيصير كل فرد من أفراده منصوصا عليه وههنا كل جزء من أجزاء الخاتم لا يصير منصوصا عليه بذكر الخاتم ألا يرى أن كل جزء من أجزاء الخاتم لا يسمى خاتما كما لا يسمى كل جزء من أجزاء الانسان انسانا فلم يكن هذا نظير اللفظ العام فلا يستقيم قياسه عليه مع ما ان المذهب الصحيح في العام انه يحتمل التخصيص بدليل متصل ومنفصل والبيان المتأخر لا يكون نسخا لا محالة بل قد يكون نسخا وقد يكون تخصيصا على ما عرف في أصول الفقه على أن الوصية بالخاتم وان تناولت الحلقة والفص لكنه لما أوصى بالفص لا آخر فقد رجع عن وصيته بالفص للأول والوصية عقد غير لازم ما دام الموصى حيا فيحتمل الرجوع ألا يرى أنه يحتمل الرجوع عن كل ما أوصى به ففي البعض أولى فيجعل رجوعا في الوصية بالفص للموصى له بالخاتم وعلى هذا إذا أوصى بهذه الأمة لفلان وبما في بطنها لآخر أو أوصى بهذه الدار لفلان وببنائها لآخر أو أوصى بهذه القوصرة لفلان وبالثمر الذي فيها لا آخر انه إن كان موصولا كان لكل واحد منهما ما أوصى له به بالاجماع وإن كان مفصولا فعلى الاختلاف الذي ذكرنا ولو أوصى بهذا العبد لفلان وبخدمته لفلان آخر أو أوصى بهذه الدار لفلان وبسكناها لآخر أو بهذه الشجرة لفلان وثمرتها لا آخر أو بهذه الشاة لفلان وبصوفها لا آخر فلكل واحد منهما ما سمى به بلا خلاف سواء كان موصولا أو مفصولا لان اسم العبد لا يتناول الخدمة واسم الدار لا يتناول السكنى واسم الشجرة لا يتناول الثمرة لا بطريق العموم ولا بطريق التضمن لأن هذه الأشياء ليست من أجزاء العين الا ان الحكم متى ثبت في العين ثبت فيها بطريق التبعية لكن إذا لم يفرد التبع بالوصية فإذا أفردت صارت مقصودة بالوصية فلم تبق تابغة فيكون لكل واحد منهما ما أوصى له به أو تجعل الوصية الثابتة رجوعا عن الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة والوصية تقبل الرجوع وهذه المسائل حجة أبى يوسف في المسألة الأولى ولو ابتدأ بالتبع في هذه المسائل ثم بالأصل بان أوصى بخدمة العبد لفلان ثم بالعبد لآخرا أو أوصى بسكنى هذه الدار لانسان ثم بالدار لآخر أو بالثمرة لانسان ثم بالشجرة لآخر فإذا ذكر موصولا فلكل واحد منهما ما أوصى له به وان ذكر مفصولا فالأصل للموصى له بالأصل والتبع بينهما نصفان لان الوصية الثابتة
(٣٨٣)