الاشراك عمل بكل واحد منهما من وجه فيحمل عليه ما أمكن وعند الإعادة وكون الثاني محلا للوصية لا يمكن الحمل على الاشراك لأنه لما أعاد علم أنه أراد نقل تلك الوصية من الأول إلى الثاني ولا ينتقل الا بالرجوع فكان ذلك منه رجوعا هذا إذا قال الوصية التي أوصيت بها لفلان فهي لفلان وكذا إذا قال الوصية التي أوصيت بها لفلان قد أوصيتها لفلان أو فقد أوصيتها لفلان فاما إذا قال وقد أوصيت بها لفلان فهذا يكون اشراكا لان الواو للشركة وللاجتماع ولو قال كل وصية أوصيت بها لفلان فهي باطلة فهذا رجوع لأنه نص على ابطال الوصية الأولى وهو من أهل الابطال والمحل قابل للبطلان فتبطل وهو معنى الرجوع ولو قال كل وصية أوصيت بها لفلان فهي حرام أو هي ربا لا يكون رجوعا لان الحرمة لا تنافى الوصية فلم يكن دليل الرجوع ولو قال كل وصية أوصيت بها لفلان فهي لفلان وارثي كان هذا رجوعا عن وصيته لفلان ووصيته للوارث فيقف على إجازة الورثة لأنه نقل الوصية الأولى بعينها إلى من يصح النقل إليه لان الوصية للوارث صحيحة بدليل انها تقف على إجازة بقية الورثة والباطل لا يحتمل التوقف وإذا انتقلت إليه لم يبق للأول ضرورة وهذا معنى الرجوع ثم إن أجازت بقية الورثة الوصية لهذا الوارث نفذت وصار الموصى به للموصى له وان ردوا بطلت ولم يكن للموصى له الأول لصحة الرجوع لانتقال الوصية منه وصار ميراثا لورثة الموصى كما لو رجع صريحا ولو قال الوصية التي أوصيت بها لفلان فهي لعمرو بن فلان وعمرو حي يوم قال الموصى هذه المقالة كان رجوعا عن وصيته لان الوصية لعمرو وقعت صحيحة لأنه كان حيا وقت كلام الوصية فيصح النقل إليه فصح الرجوع ولو كان عمرو ميتا يوم كلام الوصية لم تصح الوصية لان الميت ليس بمحل للوصية فلم يصح ايجاب الوصية له فلم يثبت ما في ضمنه وهو الرجوع ولو كان عمرو حيا يوم الوصية حتى صحت ثم مات عمرو قبل موت الموصى بطلت الوصية لان نفاذها عند موت الموصى وتعذر تنفيذها عند موته لكون الموصى له ميتا فكان المال كله للورثة ولو قال الثلث الذي أوصيت به لفلان فهو لعقب عمرو فإذا عمرو حي ولكنه مات قبل موت الموصى فالثلث لعقبه وكان رجوعا عن وصية فلان لان قوله لعقب عمرو وقع صحيحا إذا كان لعمرو عقب يوم موت الموصى لان عقب الرجل من يعقبه بعد موته وهو ولده فلما مات عمرو قبل موت الموصى فقد صار ولده عقبا له يوم نفاذ الايجاب وهو يوم موت الموصى فصحت الوصية كما لو أوصى بثلث ماله لولد فلان ولا ولد له يومئذ ثم ولد له ولد ثم مات الموصى ان الثلث يكون له كذا ههنا ثم إذا صح ايجاب الثلث له بطل حق الأول لما قلنا فان مات عقب عمرو بعد موت عمرو قبل موت الموصى رجع الثلث إلى الورثة لان الايجاب لهم قد صح لكونهم عقبا لعمرو فثبت الرجوع عن الأول ثم بطل استحقاقهم بموتهم قبل موت الموصى فلا يبطل الرجوع ولو مات الموصى في حياة عمرو فالثلث للموصى له لان الموصى قد مات ولم يثبت للموصى لهم اسم العقب بعد فبطل الايجاب لهم أصلا فبطل ما كان ثبت في ضمنه وهو الرجوع عن الوصية الأولى ولو أوصى ثم جحد الوصية ذكر في الأصل أنه يكون رجوعا ولم يذكر خلافا قال المعلى عن أبي يوسف في نوادره قال أبو يوسف رحمه الله تعالى في رجل أوصى بوصية ثم عرضت عليه من الغد فقال لا أعرف هذه الوصية قال هذا رجوع منه وكذلك لو قال لم أوص بهذه الوصية قال وسألت محمدا عن ذلك فقال لا يكون الجحد رجوعا وذكر في الجامع إذا أوصى بثلث ماله لرجل ثم قال بعد ذلك اشهدوا أنى لم أوص لفلان بقليل ولا كثير لم يكن هذا رجوعا منه عن وصية فلان ولم يذكر خلافا فيجوز أن يكون ما ذكر في الأصل قول أبى يوسف وما ذكر في الجامعة قول محمد ويجوز أن يكون في المسألة روايتان (وجه) ما ذكر في الجامع أن الرجوع عن الوصية يستدعى سابقية وجود الوصية والجحود انكار وجودها أصلا فلا يتحقق فيه معنى الرجوع فلا يمكن أن يجعل رجوعا ولهذا لم يكن جحود النكاح طلاقا ولان انكار الوصية بعد وجودها يكون كذبا محضا فكان باطلا لا يتعلق به حكم كالاقرار الكذب حتى لو أقر بجارية لانسان كاذبا والمقر له يعلم ذلك لا يثبت الملك حتى لا يحل وطؤها وكذا سائر الأقارير الكاذبة انها باطلة في الحقيقة كذا الانكار الكاذب
(٣٨٠)