الايجاب من الموصى فقط (وجه) قول زفر أن ملك الموصى له بمنزلة ملك الوارث لان كل واحد من الملكين ينتقل بالموت ثم مك الوارث لا يفتقر إلى قبوله وكذلك ملك الموصى له (ولنا) قوله تبارك وتعالى وان ليس للانسان الا ما سعى فظاهره أن لا يكون للانسان شئ بدون سعيه فلو ثبت الملك للموصى له من غير قبول لثبت من غير سعيه وهذا منفى الا ما خص بدليل ولان القول بثبوت الملك له من غير قبوله يؤدى إلى الاضرار به من وجهين أحدهما أنه يلحقه ضرر المنة ولهذا توقف ثبوت الملك للموهوب له على قبوله دفعا لضرر المنة والثاني أن الموصى به قد يكون شيئا يتضرر به الموصى له كالعبد الأعمى والزمن والمقعد ونحو ذلك والى هذا أشار في الأصل فقال رأيت لو أوصى بعبيد عميان أيجب عليه القبول شاء أو أبى وتلحقه نفقتهم من غير أن يكون له منهم نفع فلو لزمه الملك من غير قبوله للحقه الضرر من غير التزامه والزام من له ولاية الالزام إذ ليس للموصى ولاية الزام الضرر فلا يلزمه بخلاف ملك الوارث لان اللزوم هناك بالزام من ولاية الالزام وهو الله تبارك وتعالى فلم يقف على القبول كسائر الأحكام التي تلزم بالزام الشرع ابتداء وعلى هذا يخرج ما إذا كان الموصى له انه لا يعتق عليه ما لم يقبل أو يموت من غير قبول لأنه لا عتق بدون الملك ولا ملك بدون القبول أو بدون عدم الرد ووقوع اليأس عنه ولم يوجد القبول منه ولا وقع اليأس عن الرد ما دام حيا فلا يعتق ولو مات الموصى ثم مات الموصى له قبل القبول صار الموصى به ملكا لورثة الموصى له استحسانا والقياس أن تبطل الوصية ويكون لورثته الخيار ان شاؤوا قبلوا وان شاؤوا ردوا (وجه) القياس الأول أن القبول أحد ركني العقد وقد فات بالموت فيبطل الركن الآخر كما ذا أوجب البيع ثم مات المشترى قبل القبول أو أوجب الهبة ثم مات الموهوب له قبل القبول انه يبطل الايجاب لما قلنا كذا هذا (وجه) القياس الثاني أن الموصى له في حياته كان له القبول والرد فإذا مات تقوم ورثته مقامه (وجه) الاستحسان ان أحد الركنين من جانب الموصى له هو عدم الرد منه وذلك بوقوع اليأس على الرد منه وقد حصل ذلك بموته فتم الركن (وأما) على عبارة القبول فنقول إن القبول من الموصى له لا يشترط لعينه بل لوقوع اليأس عن الرد وقد حصل ذلك بموت الموصى له وعلى هذا يخرج ما إذا أوصى له بجاريته التي ولدت من الموصى له بالنكاح انها لا تصير أم ولد له ما لم يقبل الوصية أو يموت قبل القبول فإذا مات صارت أم ولد له لأنه ملك جارية قد ولدت منه بالنكاح فتصير أم ولد له وينفسخ النكاح وان لم يعلم الموصى له بالوصية حتى مات أو علم ولم يقبل حتى مات فهو على القياس والاستحسان اللذين ذكرنا ولو كان حيا ولم يعلم بالوصية وهو يطؤها بالنكاح حتى ولدت أولادا ثم علم بالوصية فهو بالخيار ان شاء قبل الوصية فكانت الجارية أم ولد له وأولادها أحرار إن كانوا يخرجون من الثلث وان شاء لم يقبل فلا تكون الجارية أم ولد له لان قبوله شرط فان قبل فقد صارت الجارية أم ولد له لأنه ملكها بالقبول ومن استولد جارية غيره بالنكاح ثم ملكها تصير أم ولد له وأولادها أحرار إن كانوا يخرجون من الثلث لان عند القبول يثبت الملك من وقت موت الموصى فتبين أن الملك ثبت له في الجارية من ذلك الوقت كما في البيع بشرط الخيار ان عند الإجازة يثبت الحكم وهو الملك من وقت البيع كذا ههنا وإذا ثبت الملك من وقت موت الموصى يحكم بفساد النكاح من ذلك الوقت فتبين أن الأولاد ولدوا على فراش ملك اليمين فدخلوا تحت الوصية فيملكهم بالقبول فيعتقون إذا كانوا يخرجون من الثلث وان لم يقبل الوصية كان الجارية ملكا لورثة الموصى والأولاد أرقاء لان الولد يتبع الام في الرق والحرية ولو أوصى بالثلث لرجلين ومات الموصى فرد أحدهما وقبل الاخر الوصية كان للآخر حصته من الوصية لأنه أضاف الثلث إليهما وقد صحت الإضافة فانصرف إلى كل واحد منهما نصف الثلث فإذا رد أحدهما الوصية ارتد في نصفه وبقى النصف الآخر لصاحبه الذي قبل كمن أقر بألف لرجلين فرد أحدهما اقراره ارتد في نصيبه خاصة وكان للآخر نصف الاقرار كذا ههنا بخلاف ما إذا أوصى بالثلث لهذا والثلث لهذا فرد أحدهما وقبل الآخر ان كل الثلث للذي قبل الا انه إذا قبل صاحبه يقسم الثلث بينهما لضرورة المزاحمة إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر فإذا رد أحدهما زالت المزاحمة فكان جميع الثلث له وإذا ثبت أن القبول ركن في عقد الوصية
(٣٣٢)