فإن كان له ابنان وبنت أو ابنان وبنتان أو بنون وبنات فقال قد أوصيت لفلان بمثل نصيب أحد ابني فقال يعطى الموصى له في هذا نصيب ابن وإنما كان كذلك لأنه إذا قال أحد ابني وله ابن وبنت وعلم أنه سمى الأنثى ابنا لاجتماعها مع الذكر فدخلت في الكلام فكان للورثة ان يحملوا الوصية على نصيبهما وإذا كان له بنون وبنات أو ابنان وبنات فقال أحد بنى يقع على الذكور فتحمل الوصية على نصيب واحد منهم دون نصيب البنات قال محمد رحمه الله فإذا كان له بنت وابن أو ابن وبنتان أو ابن وبنات فالابن وحده لا يكون بنين والامر على ما ذكره محمد لان اسم الجمع لا يتناول الواحد فلابد من ادخال الإناث معه فحملت الوصية على نصيب أحدهم فهذا إشارة إلى اعتباره حقيقة اللفظ وان الاسم يحمل على الذكور الا عند التعذر ولو أوصى ليتامى بنى فلان فإن كان يتاماهم يحصون جازت الوصية لأنهم إذا كانوا يحصون وقعت الوصية لهم بأعيانهم لكونهم معلومين فأمكن ايقاعها تمليكا منهم فصحت كما لو أوصى ليتامى هذه السكة أو هذه الدار ويستوى فيها الغنى والفقير لان اليتيم في اللغة اسم لمن مات أبوه ولم يبلغ الحلم وهذا لا يتعرض للفقر والغنا وقال الله سبحانه وتعالى ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما وقال عليه الصلاة واسلام ابتغوا في أموال اليتامى خيرا كيلا تأكلها الصدقة قد سموا يتامى وإن كان لهم مال فكل صغير مات أبوه يدخل تحت الوصية ومن لا فلا فإن كانوا لا يحصون فالوصية جائزة وتصرف إلى الفقراء منهم لأنها لو صرفت إلى الأغنياء لبطلت لجهالة الموصى له ولو صرفت إلى الفقراء لجازت لأنها وصية بالصدقة واخراج للمال إلى الله تعالى والله تعالى واحد معلوم وأمكن أن تجعل الوصية للفقراء وان لم يكن في اللفظ ما ينبئ عن الحاجة لغة لكنه ينبئ عن سبب الحاجة وعما يوجب الحاجة بطريق الضرورة لان الصغر والانفراد عن الأب أعظم أسباب الحاجة إذ الصغير عاجز عن الانتفاع بماله ولا بد له ممن يقوم بايصال منافع ماله إليه وكذا هو عاجز عن القيام بحفظ ماله واستنمائه ولا بقاء للمال عادة الا بالحفظ والاستنماء وهو عاجز عن ذلك كله فيصير في الحكم كمن انقطعت عليه منافع ماله بسبب بعده عن ماله وهو ابن السبيل فصار الاسم بهذه الوساطة منبئا عن الحاجة ولهذا المعنى جعل الله لليتامى سهما من خمس الغنيمة بقوله تبارك وتعالى واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى وقال تبارك وتعالى ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى وأراد به المحتاجين منهم دون الأغنياء وإذا كان كذلك أمكن تصحيح هذا التصرف بجعله ايصاء بالصدقة وكذلك إذا أوصى لزمني بنى فلان أو لعميانهم لان الاسم يدل على سبب الحاجة عادة وهو الزمانة والعمى بخلاف ما إذا أوصى لبنى فلان وهم لا يحصون انه لا يصح لأنه لا يمكن تصحيحه بطريق التمليك بجهالة الموصى لهم ولا بطريق الايصاء بالصدقة لأنه ليس في لفظ الابن ما ينبئ عن الحاجة ولا ما يوجب الحاجة وههنا بخلافه على ما بينا فتصح الوصية ثم إذا صحت وانصرفت الوصية إلى الفقراء من اليتامى فان صرف لي اثنين منهم فصاعدا جاز بالاجماع وان صرف جميع الثلث إلى واحد فهو على الخلاف الذي ذكرنا والأفضل للموصى أن يصرف إلى كل من قدر منهم لأنه أقرب إلى العمل بحقيقة اللفظ وتحقيق مقصود الموصى ولو أوصى بثلث ماله لأرامل بنى فلان جازت الوصية سواء كن يحصين أو لا يحصين أما إذا كن يحصين فلا يشكل فان الوصية وقعت تمليكا منهن بأعيانهن لكونهن معلومات وكذلك إذا كن لا يحصين لان في الاسم ما يدل على الحاجة لان الأرملة اسم لامرأة بالغة فارقت زوجها بطلاق أو وفاة دخل بها أو لم يدخل كذا قال محمد رحمه الله وقال ابن الأنباري الأرملة التي لا زوج لها من قولهم أرمل القوم فهم مرملون إذا فنى زادهم ومن فنى زاده كان محتاجا فكان في الاسم ما ينبئ عن الحاجة فتقع وصية بالصدقة واخراج المال إلى الله تبارك وتعالى والله سبحانه وتعالى واحد معلوم وهل يدخل في هذه الوصية الرجال الذين فارقوا أزواجهم قال عامة العلماء رضي الله عنهم لا يدخلون وقال الشافعي رحمه الله يدخل في كل من خرج من كرمة فلان ذكرا كان أو أنثى واليه ذهب القتبي واحتجا بقول جرير الشاعر
(٣٤٦)