على ألف درهم لأنه استقرضت منه لا يجوز في قولهم جميعا لأنه أسند اقراره إلى سبب هو محال عادة وان لم يبين للاقرار سببا بل سكت عنه بان قال لما في بطن فلانة على ألف درهم ولم يزد عليه فهذا الاقرار باطل في قولهما وعند محمد صحيح (وجه) قوله أن تصرف العاقل يحمل على الصحة ما أمكن وأمكن تصحيحه بالحمل على سبب متصور الوجود فيحمل عليه تصحيحا له ولهما أن الاقرار المطلق بالدين يراد به الاقرار بسبب المداينة لأنه هو السبب الموضوع لثبوت الدين وانه في الدين ههنا محال عادة والمستحيل عادة كالمستحيل حقيقة ومنها أن يكون حيا وقت موت الموصى حتى لو قال أوصيت بثلث مالي لما في بطن فلانة فولدت لأقل من ستة أشهر من وقت موت الموصى ولدا ميتا لا وصية له لان الميت ليس من أهل استحقاق الوصية كما ليس من أهل استحقاق الميراث بان ولد ميتا وأنها أخت الميراث ولو ولدت ولدين حيا وميتا فجميع الوصية للحي لان الميت لا يصلح محلا لوضع الوصية فيه ولهذا لو أوصى لحي وميت كان كل الوصية للحي كما لو أوصى لآدمي وحائط والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) أن لا يكون وارث الموصى وقت موت الموصى فإن كان لا تصح الوصية لما روى عن أبي قلابة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله تبارك وتعالى أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث وفى هذا حكاية وهي ما حكى أن سليمان بن الأعمش رحمه الله تعالى كان مريضا فعاده أبو حنيفة رضي الله عنه فوجده يوصى لابنيه فقال أبو حنيفة رضي الله عنه ان هذا لا يجوز فقال ولم يا أبا حنيفة فقال لأنك رويت لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا وصية لوارث فقال سليمان رحمه الله يا معشر الفقهاء أنتم الأطباء ونحن الصيادلة فقد نفى الشارع عليه الصلاة والسلام أن يكون لوارث وصية نصا وأشار إلى تحول الحق من الوصية إلى الميراث على ما بينا فيما تقدم ولأنا لو جوزنا الوصية للورثة لكان للموصى أن يؤثر بعض الورثة وفيه ايذاء البعض وايحاشهم فيؤدى إلى قطع الرحم وانه حرام وما أفضى إلى الحرام فهو حرام دفعا للتناقض ثم الشرط أن لا يكون وارث الموصى وقت موت الموصى لا وقت الوصية حتى لو أوصى لأخيه وله ابن وقت الوصية ثم مات قبل موت الموصى ثم مات الموصى لم تصح الوصية لان الموصى له وهو الأخ صار وارث الموصى عند موته ولو أوصى لأخيه ولا ابن له وقت الوصية ثم ولد له ابن ثم مات الموصى صحت الوصية لان الأخ ليس بوارثه عند الموت لصيرورته محجوبا بالابن وإنما اعتبرت الوراثة وقت موت الموصى لا وقت وصيته لان الوصية ليست بتمليك للحال ليعتبر كونه وارثا وقت وجودها بل هي تمليك عند الموت فيعتبر ذلك عند الموت وكذلك الهبة في المرض بان وهب المريض لوارثه شيئا ثم مات أنه يعتبر كونه وارثا له وقت الموت لا وقت الهبة لان هبة المريض في معنى الوصية حتى تعتبر من الثلث وعلى هذا يخرج ما إذا أوصى لامرأة أجنبية وهو مريض أو صحيح ثم تزوجها أنه لا يصح ولو أقر المريض لامرأة أجنبية بدين ثم تزوجها جاز اقراره لان الوصية إنما تصير ملكا عند موت الموصى فيعتبر كونها وارثة لها حينئذ وهي وارثته عند موته لأنها زوجته فلم تصح الوصية (فاما) الاقرار فاعتباره حال وجوده وهي أجنبية حال وجوده فاعتراض الزوجية بعد ذلك لا يبطله كذا لو وهب لها هبة في مرض موته ثم تزوجها بطلت الهبة لان تبرعات المريض مرض الموت تعتبر بالوصايا ولو أوصى وهو مريض أو صحيح لابنه النصراني صح لأنه ليس بوارثه فلو أسلم الابن قبل موته بطلت وصيته لما قلنا أن اعتبارها بعد الموت وهو وارث بعد الموت ولو أقر المريض بدين لابنه النصراني ثم أسلم لم يجز اقراره عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله تعالى وعند زفر رحمه الله تعالى يصح (وجه) قوله على نحو ما ذكرنا في المرأة أن الاقرار يعتبر حال وقوعه وأنه غير وارث وقت الاقرار فاعتراض الوراثة بعد ذلك لا يبطل الدين الثابت كما قلنا في المرأة (ولنا) أن الوراثة وان لم تكن موجودة عند الاقرار لكن سببها كان قائما وهو القرابة لكن لم يظهر عملها للحال لمانع وهو الكفر فعند زوال المانع يلحق بالعدم من الأصل ويعمل السبب من وقت وجوده لا من وقت زاول المانع كما في البيع بشرط الخيار أن عند سقوط الخيار يعمل السبب وهو البيع في الحكم من وقت وجوده لا من وقت
(٣٣٧)