وجه فلا تصح الا إذا عتق قبل موت الموصى فتصح الوصية لان الوصية ايجاب الملك عند موت الموصى وهو كان حرا عند موته وكذا إذا أوصى لعبد نفسه فاعتقه قبل موته صحت وصيته له فان مات وهو عبد بطلت لان وصيته لمولاه ومولاه وارثه ولو أوصى لمكاتب وارثه لا يصح لان منفعة الوصية تحصل لوارثه في الحال والمال في الحال بأداء بدل الكتابة وفى المآل بالعجز ولو أوصى لمكاتب نفسه جاز لأنه (اما) أن يعتق بأداء بدل الكتابة فيصير أجنبيا فتجوز له الوصية (واما) أن يعجز ويرد في الرق فيصير ميراثا لجميع ورثته لا لبعضهم دون بعض فلا يكون في هذه الوصية ايثار بعض الورثة على بعض فتجوز كما لو أوصى بثلث ماله لورثته (ومنها) أن لا يكون قاتل الموصى قتلا حراما على سبيل المباشرة فإن كان لم تصح الوصية له عندنا وبه أخذ الشافعي رحمه الله وقال مالك رحمه الله هذا ليس بشرط وتصح الوصية للقاتل واحتج بما ذكرنا من الدلائل لجواز الوصية في أول الكتاب من غير فصل بين القاتل وغيره ولان الوصية تمليك وتملك والقتل لا ينافي أهلية التمليك (ولنا) ما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لا وصية لقاتل وهذا نص ويروى أنه قال ليس لقاتل شئ ذكر الشئ نكرة في محل النفي فتعم الميراث والوصية جميعا وبه تبين أن القاتل مخصوص عن عمومات الوصية ولان الوصية أخت الميراث ولا ميراث للقاتل لما روى عن سيدنا عمر وسيدنا علي رضي الله عنهما أنهما لم يجعلا للقاتل ميراثا وعن عبيدة السلماني أنه قال لا يرث قاتل بعد صاحب البقرة ويروى لا يورث قاتل بعد صاحب البقرة وهذا منه بيان لاجماع المسلمين من زمن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام إلى زمن التابعين رضي الله عنهم على أنه لا ميراث للقاتل وذكر محمد رحمه الله هذه الآثار في الأصل وقال والوصية عندنا بمنزلة ذلك لا وصية للقاتل ولان الورثة تتأذى بوضع الوصية في القاتل كما يتأذى البعض بوضعها في البعض فيؤدى إلى قطع الرحم وأنه حرام ولان المجروح إذا صار صاحب فراش فقد تعلق حق الورثة بماله نظرا لهم لئلا يزيل المورث ملكه إلى غيرهم لعداوة أو أذى لحقه من جهتهم فيتضررون بذلك لكن مع بقاء ملك المورث نظرا له لحاجته إلى دفع حوائجه الأصلية وسبب ثبوت حقهم في مرض الموت ما هو سبب ثبوت ملكهم بعد الموت وهو القرابة فكان ينبغي أن لا يملك التبرع بشئ من ماله الا أنه ملك ذلك على غير القاتل والوارث بخلاف القياس فيبقى الامر فيهما على أصل القياس ولان القتل بغير حق جناية عظيمة فتستدعى الزجر بأبلغ الوجوه وحرمان الوصية يصلح زاجرا لحرمان الميراث فيثبت وسواء كان القتل عمدا أو خطأ لان القتل الخطأ قتل وأنه جاز المؤاخذة عليه عقلا وسواء أوصى له بعد الجناية أو قبلها لان الوصية إنما تقع تمليكا بعد الموت فتقع وصية للقاتل تقدمت الجناية أو تأخرت ولا تجوز الوصية لعبد القاتل كان على العبد دين أو لم يكن ولا لمكاتبه لما ذكرنا في عبد الوارث ومكاتبه وتجوز الوصية لابن القاتل ولأبويه ولجميع قرابته لان ملك كل واحد منهما منفصل عن ملك صاحبه فلا تكون الوصية لأحدهما وصية لصاحبه ولو اشترك عشرة في قتل رجل فأوصى لبعضهم بعد الجناية لم تصح لان كل واحد منهم قاتل على الكمال حين وجب القصاص على كل واحد منهم فكانت وصية لقاتله فلم تصح ولو كان أحدهم عبدا لموصي فأوصى لبعضهم بعد الجناية وأعتق عبده ثم مات فالوصية باطلة ولا يبطل العتق ولكن العبد يسعى في قيمته (أما) بطلان الوصية فلما ذكرنا ان كل واحد منهم قاتل فكان الموصى له قاتلا فلم تصح الوصية له (وأما) صحة الاعتاق ونفاذه ففيه ضرب اشكال وهو ان الاعتاق حصل في مرض الموت والاعتاق في مرض الموت وصية والوصية للقاتل لا تصح والعبد قاتل فينبغي أن لا ينفذ اعتاقه والجواب عنه من وجهين أحدهما ان الاعتاق في مرض الموت ليس بوصية حقيقة لان الوصية تمليك والاعتاق اسقاط الملك وازالته لا إلى أحد وهما متغايران بل متنافيان حقيقة وكذا الاعتاق ينجر حكمه للحال وحكم الوصية يتأخر إلى ما بعد الموت فلم يكن الاعتاق في مرض الموت وصية حقيقة الا انه يشبه الوصية من حيث إنه يعتبر من الثلث لا غير والثاني إن كان في معنى الوصية فالوصية بالاعتاق مردودة من حيث المعنى وإن كانت نافذة صورة ألا
(٣٣٩)