ثم إن المأمور جرح الآمر جراحة أخرى بغير أمره ثم جرحه رجلان آخران كل واحد منهما جراحة ثم عقره سبع ثم نهشته حية وخرج به خراج فمات من ذلك كله تقسم الدية أرباعا لان الموت حصل من أربع جنايات لان الهدر من الجنايات لها حكم جناية واحدة وجراحتا المأمور وان اختلف حكمهما فإنهما حصلا من رجل واحد فلا يثبت لهما في حق شركائه الا حكم جناية واحده فثبت ان الموت حصل من أربع جنايات فكانت قسمة الدية أرباعا هدر الربع منها وبقيت ثلاثة أرباع تقسم على الجنايات الثلاثة فيكون على كل واحد منهم الربع ثم ما أصاب المأمور بالقطع تقسم حصته وهي الربع على جراحتيه فإحداهما مضمونة وهي التي فعلها بغير أمر المجروح والأخرى غير مضمونة وهي التي فعلها بأمره وهي القطع فيسقط بقدر ما ليس بمضمون وهو نصف الربع وهو الثمن وبقى قدر ما هو مضمون وهو نصف الربع الآخر وهو الثمن الآخر والله سبحانه وتعالى أعلم ولو أن رجلا أمر عشرة أن يضربوا عبده أمر كل واحد منهم أن يضربه سوطا فضربه كل واحد منهم ما أمره ثم ضربه رجل آخر لم يأمره سوطا فمات من ذلك كله فعلى الذي لم يؤمر أرش السوط الذي ضربه من قيمته مضروبا عشرة أسواط وعلية أيضا جزء من أحد عشر جزأ من قيمته مضروبا أحد عشر سوطا وإنما كان كذلك (أما) وجوب أرش السوط الذي ضربه فلانه نقصه بالضرب فيلزمه ضمان النقصان (وأما) اعتبار قيمة العبد مضروبا عشرة أسواط فلانه ضربه بعد ما انتقص من ضرب العشرة وذلك حصل من فعل غيره فلا يكون عليه وإنما عليه ضمان ما نقصه سوطه الحادي عشر من قيمته لذلك اعتبرت قيمته وهو مضروب عشرة فيقوم وهو غير مضروب ويقوم وهو مضروب عشرة أسواط فيلزم الذي لم يؤمر بالضرب ذلك القدر (وأما) وجوب جزء من أحد عشر جزأ من قيمته فلانه مات من أحد عشر سوطا كل سوط حصل ممن يتعلق بفعله حكم في الجملة وهو الآدمي فانقسم الضمان على عددهم ثم ما أصاب العشرة سقط عنهم لحصوله بإذن المالك وما أصاب الحادي عشر ضمنه الذي لم يؤمر بالضرب لأنه ضرب بغير اذن المالك (وأما) اعتبار تضمينه مضروبا بأحد عشر سوطا فلان البعض الحاصل بضرب العشرة حصل بفعل غيره فلا يكون عليه ضمانه (وأما) السوط الحادي عشر فلانه قد ضمن نقصانه مرة فلا يضمنه ثانيا وإنما لم يدخل نقصان السوط فيما وجب عليه من القيمة لان كل واحد منهما ضمان الجزء وضمان الجزء إذا تعلق بسبب واحد لا يدخل أحدهما في الآخر بخلاف ما إذا ضربه واحد ومات من ذلك أنه يضمن القيمة دون النقصان لأنه اجتمع هناك ضمان جزء وضمان كل فيدخل ضمان الجزء في ضمان الكل لاتحاد سبب الضمانين هذا إذا أمر المولى عشرة أن يضربه كل واحد منهم سوطا فإن كان المولى هو الذي ضربه عشرة أسواط بيده ثم ضربه أجنبي سوطا ثم مات من ذلك كله فعلى الأجنبي ما نقصه السوط الحادي عشر من قيمته مضروبا بعشرة أسواط وعليه أيضا نصف قيمته مضروبا أحد عشر سوطا اما وجوب ضمان نقصان السوط واعتبار قيمته مضروبا بعشرة أسواط فلما ذكرنا (واما) وجوب نصف قيمته فلانه مات من سوطين في الحاصل لان ضرب الأسواط العشرة من المولى بمنزلة جناية واحدة لأنها حصلت من رجل واحد والجنايات من واحد وان كثرت فهي في حكم جناية واحدة فصار كأنه مات من سوطين سوط المولى وسوط الأجنبي وسوط المولى ليس بمضمون وسوط الأجنبي مضمون فسقط نصف القيمة وثبت نصفها (وأما) اعتبار قيمته مضروبا أحد عشر سوطا وعدم دخول ضمان النقصان في ضمان القيمة فلما ذكرنا في المسألة المتقدمة رجل أمر غيره أن يجرحه جراحة واحدة فجرحه عشر جراحات وجرحه آخر جراحة أخرى واحدة بغير أمره ثم عفا المجروح لصاحب العشرة عن واحدة من التسع التي كانت بغير أمره ثم مات المجروح من ذلك كله فعلى صاحب الجراحة الواحدة نصف الدية وعلى صاحب العشرة ثمن الدية لان نصف الدية على صاحب الجراحة الواحدة والنصف الآخر تعلق بصاحب العشرة واحدة منها بأمر المجروح فصار عليه الربع ثم انقسم ذلك بالعفو فسقط نصفه وهو الثمن وبقى عليه الثمن والله سبحانه وتعالى أعلم هذا إذا كان المجني عليه حرا
(٣٢١)