باستيفاء حقه ناقصا واقتصر على ما بين قرني الشاج طلبا للتشفي وان شاء عدل إلى الأرش وإن كانت الشجة لا تأخذ بين قرني المشجوج وهي تأخذ ما بين قرني الشاج لا يجوز أن يستوعب بين قرني الشاج كله بالقصاص لأنه الشجة الأولى وقعت غير مستوعبة فالاستيعاب في الجزء يكون زيادة وهذا لا يجوز وإن كان ذلك مقدار شجته في المساحة كما لا يجوز في استيفاء ما فضل عن قرني الشاج في المسألة الأولى وإن كان ذلك مقدار الشجة الأولى في المساحة وله الخيار لتعذر استيفاء مثل شجته في مقدارها في المساحة في الطول فان شاء اقتص ونقص عما بين قرني الشاج وان شاء ترك وأخذ الأرش وإن كانت الشجة في طول رأس المشجوج وهي تأخذ من جبهته إلى قفاه ولا تبلغ من الشاج إلى قفاه يخير المشجوج ان شاء اقتص مقدار شجته إلى مثل موضعها من رأس الشاج لا يزيد عليه وان شاء أخذ الأرش لما بينا فيما تقدم وحكى الطحاوي عن علي بن العباس الرازي أنه قال إذا استوعبت الشجة ما بين قرني المشجوج ولم تستوعب ما بين قرني الشاج يقتص من الشاج ما بين قرنيه كله وان زاد ذلك على طول الشجة الأولى لأنه لا عبرة للصغر والكبر في القصاص بين العضوين كما في اليدين والرجلين انه يجرى القصاص بينهما وإن كانت إحداهما أكبر من الأخرى فكذا في الشجة وهذا الاعتبار غير سديد لان وجوب القطع هناك لفوات المنفعة وانها لا تختلف بالصغر والكبر ألا يرى أن اليد الصغيرة قد تكون أكثر منفعة من الكبيرة فإذا لم يختلف ما وجب له لم يختلف الوجوب بخلاف الشجة لان وجوب القصاص فيها للشين الذي يلحق المشجوج وانه يختلف فيزداد بزيادة الشجة وينتقص بنقصانها لذلك افترق الامر وان الله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب (وأما) الجراح فان مات من شئ منها المجروح وجب القصاص لان الجراحة صارت بالسراية نفسا وان لم يمت فلا قصاص في شئ منها سواء كانت جائفة أو غيرها لأنه لا يمكن استيفاء القصاص فيها على وجه المماثلة ومنها أن يكون الجاني والمجني عليه حرين فإن كان أحدهما حرا والآخر عبدا أو كانا عبدين فلا قصاص فيه ومنها أن يكونا ذكرين أو أنثيين عندنا فإن كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى فلا قصاص فيه عند أصحابنا وعند الشافعي رحمه الله هذا ليس بشرط ويجرى القصاص بين الذكر والأنثى فيما دون النفس كما يجرى في النفس وهذان الشرطان في الحقيقة عندنا متداخلان لأنهما دخلا في شرط المماثلة لان المماثلة في الأروش شرط وجوب القصاص فيما دون النفس بدليل أن الصحيح لا يقطع بالأشل ولا كامل الأصابع بناقص الأصابع ولما ذكرنا فيما تقدم أن ما دون النفس يسلك به مسلك الأموال والمماثلة في الأموال في باب الأموال معتبرة ولم توجد المماثلة بين الأحرار والعبيد في الأروش لان أرش طرف العبد ليس بمقدر بل يجب باعتبار قيمته وأرش طرف الحر مقدر فلا يوجد التساوي بين أرشيهما ولئن اتفق استواؤهما في القدر فلا يعتبر ذلك لان قيمة طرف العبد تعرف بالحزر والظن بتقويم المقومين فلا تعرف المساواة فلا يجب القصاص وكذا لم يوجد بين العبيد والعبيد لأنهم ان اختلفت قيمتهم فلم يوجد التساوي في الأرش وان استوت قيمتهم فلا يعرف الا بالحزر والظن لأنه يعرف بتقويم المقومين وذلك يختلف فلا يعرف التساوي في أروشهم فلا يجب القصاص أو تبقى فيه شبهة العدم والشبهة في باب القصاص ملحقة بالحقيقة ولا بين الذكور والإناث فيما دون النفس لان أرش الأنثى نصف الذكر وعند الشافعي رحمه الله المساواة في الأروش في الأحرار غير معتبرة (وجه) قوله أن القصاص جرى بين نفسيهما فيجرى بين طرفيها لان الطرف تابع للنفس (ولنا) أنه لا مساواة بين أرشيهما فلا قصاص في طرفيهما كالصحيح مع الأشل ولا قصاص في الأظفار لانعدام المساواة في أروشها لان أرش الظفر الحكومة وانها معتبرة بالحزر والظن والله تعالى الموفق * (فصل) * وأما كون الجناية فيما دون النفس بالسلاح فليس بشرط لوجوب القصاص فيه فسواء كانت بسلاح أو غيره يجب فيه القصاص لأنه ليس فيما دون النفس شبهة عمد وإنما فيه عمد أو خطأ لما ذكرنا فيما تقدم فاستوى فيهما السلاح وغيره هذا الذي ذكرنا شرائط وجوب شرائط وجوب القصاص فيما دون النفس (وأما) بيان وقت الحكم بالقصاص فيما دون النفس فوقته ما بعد البرء فلا يحكم بالقصاص فيه ما لم يبرأ وهذا عندنا وعند الشافعي رحمه
(٣١٠)