حيث أضافوا الدية إلى أنفسهم على وجه الانكار ولأنها بدل نفس فكانت على العاقلة كالدية (وأما) من تجب له فهي ميراث بين ورثة الجنين على فرائض الله تبارك وتعالى عند عامة العلماء وقال مالك رحمه الله انها لا تورث وهي للام خاصة (وجه) قوله إن الجنين في حكم جزء من أجزاء الام فكانت الجناية على الام فكان الأرش لها كسائر أجزائها (ولنا) ان الغرة بدل نفس الجنين وبدل النفس يكون ميراثا كالدية (والدليل) على أنها بدل نفس الجنين لا بدل جزء من أجزاء الام ان الواجب في جنين أم الولد ما هو الواجب في جنين الحرة ولا خلاف في أن جنين أم الولد جزء ولو كان في حكم عضو من أعضاء الام لكان جزأ من الام حرا وبقية أجزائها أمة وهذا لا يجوز (والدليل) عليه انه عليه الصلاة والسلام قضى بدية الام على العاقلة وبغرة الجنين ولو كان في معنى أجزاء الام لما أفرد الجنين بحكم بل دخلت الغرة في دية الأمة كما إذا قطعت يد الام فماتت انه تدخل دية اليد في النفس وكذا لما أنكرت عاقلة الضاربة حمل الدية إياهم فقالت اندى من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل ومثل دمه بطل لم يقل لهم النبي عليه الصلاة والسلام ان أوجبت ذلك بجناية الضاربة على المرأة لا بجنايتها على الجنين ولو كان وجوب الأرش فيه لكونه جزأ من أجزاء الام لرفع انكارهم بما قلنا فدل ان الغره وجبت بالجناية على الجنين لا بالجناية على الام فكانت معتبرة بنفسه لا بالأم ولا يرث الضارب من الغره شيئا لأنه قاتل بغير حق والقتل بغير حق من أسباب حرمان الميراث ولا كفارة على الضارب لأنه عليه الصلاة والسلام لما قضى بالغرة على الضاربة لم يذكر الكفارة مع أن الحال حال الحاجة إلى البيان ولو كانت واجبة لبينها ولان وجوبها متعلق بالقتل وأوصاف أخرى لم يعرف وجودها في الجنين من الايمان والكفر حقيقة أو حكما قال الله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة وقال تبارك وتعالى وإن كان من قوم بينكم وبنيهم ميثاق أي كان المقتول ولم يعرف قتله لأنه لم تعرف حياته وكذا ايمانه وكفره حقيقة حكما (أما) الحقيقة فلا شك في انتقائها لان الايمان والكفر لا يتحققان من الجنين وكذلك حكما لان ذلك بواسطة الحياة ولم تعرف حياته ولان الكفارة من باب المقادير والمقادير لا تعرف بالرأي والاجتهاد بل بالتوقيف وهو الكتاب العزيز والسنة والاجماع ولم يوجد في الجنين الذي القى ميتا شئ من ذلك فلا تجب فيه الكفارة ولان وجوبها متعلق بالنفس المطلقة والجنين نفس من وجه دون وجه بدليل انه لا يجب فيه كمال الدية مع ما ان ضرب لو وقع قتل نفس لكان قتلا تسبيبا لا مباشرة والقتل تسبيبا لا يوجب الكفارة كحفر البئر ونحو ذلك وذكر محمد رحمه وقال ولا كفارة على الضارب وان سقط كامل الخلق ميتا الا ان يشاء ذلك فهو أفضل وليس ذلك عليه عندنا واجب وليتقرب إلى الله تبارك وتعالى بما يشاء ان استطاع ويستغفر الله سبحانه وتعالى مما صنع وهذا قول أبى يوسف رحمه الله وقولنا كذا ذكر محمد رحمه الله لأنه ارتكب محظورا فندب إلى أن يتقرب بالكفارة لمحوه هذا إذا ألقته ميتا فاما إذا ألقته حيا فمات ففيه الدية كاملة لا يرث الضارب منها شيئا وعليه الكفارة (أما) حرمان الميراث فلما قلنا وأما وجوب الدية والكفارة فلانه لما خرج حيا فمات علم أنه كان حيا وقت الضرب فحصل الضرب قتل النفس وانه في معنى الخطأ فتجب فيه الدية والكفارة هذا إذا ألقت جنينا واحدا فاما إذا ألقت جنينين فإن كانا ميتين ففي كل واحد منهما غرة وإن كانا حيين ثم ماتا ففي كل واحد منهما دية لوجود سبب وجوب كل واحدة منهما وهو الاتلاف الا انه أتلفهما بضربة واحدة ومن أتلف شخصين بضربة واحدة يجب عليه ضمان كل واحد منهما كما لو أفرد كل واحد منهما بالضرب كما في الكبيرين فان ألقت أحدهما ميتا والآخر حيا ثم مات فعليه في الميت الغرة وفى الحي الدية لوجود سبب وجوب الغرة في الحنين والميت والدية في الجنين الحي فيستوى فيه الجمع في الاتلاف والافراد فيه فان ماتت الام من الضربة وخرج الجنين بعد ذلك حيا ثم مات فعليه ديتان دية في الام ودية في الجنين لوجود سبب وجوبهما وهو قتل شخصين فان خرج بعد موتها ميتا فعليه دية الام ولا شئ عليه في الجنين وقال الشافعي رحمه الله يجب عليه في الجنين الغرة (وجه) قوله إن أتلفهما جميعا فيؤاخذ بضمان كل واحد منهما كما لو خرج الجنين ميتا ثم ماتت الام (ولنا) ان القياس يأبى كون الجنين مضمونا أصلا
(٣٢٦)