واحد منهما عما في يد صاحبه خارج وان قامت لأحدهما بينة يقضى ببينته وان لم تقم لهما بينة تحالفا وهل ينفسح العقد بنفس التحالف أم يحتاج فيه إلى فسخ القاضي اختلف المشايخ فيه على ما عرف في البيوع ولو اقتسم رجلان اقرحة فأخذ أحدهما قراحين والآخر أربعة ثم ادعى صاحب القراحين أن أحد الأقرحة الأربعة أصابه في قسمته وأقام البينة قضى له به لما قلنا وكذلك هذا في أثواب اقتسماها فأخذ كل واحد بعضها ثم ادعى أحدهما أن أحد الأثواب الذي في يد صاحبه أصابه في قسمته وأقام البينة قضى له به ولو ادعى كل واحد منهما على صاحبه ثوبا مما في يده أنه أصابه في قسمته وأقام البينة قضى لكل واحد منهما بما في يد الآخر لان كل واحد منهما عما في يد صاحبه خارج ولو اقتسما مائة شاة فأصاب أحدهما خمسة وخمسين وأصاب الآخر خمسة وأربعين ثم ادعى صاحب الأوكس الغلط في القسمة أو الخطأ في التقويم لم تقبل منه الا بينة ولو قال أخطأنا في العدد وأصاب كل واحد منا خمسين وهذه الخمسة في قسمته وأنكر الآخر تحالفا وان أقام كل واحد منهما البينة ردت القسمة ولو قال أحدهما لصاحبه أخذت أنت احدى وخمسين غلطا وأخذت أنا تسعة وأربعين وقال الآخر ما أخذت الا خمسين فالقول قوله مع يمينه لأنه منكر لاستيفاء الزيادة على حقه والله سبحانه وتعالى أعلم وعلى هذا الأصل تخرج قسمة عرصة الدار بالذرع أنه يحسب في القسمة كل ذراعين من العلو بذراع من السفل عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف بحسب ذراع من السفل بذراع من العلو وعند محمد يحسب على القيمة دون الذرع زعم كل واحد منهم ان التعديل فيما يقوله والخلاف في هذه المسألة بين أبي حنيفة وبين أبى يوسف مبنى على الخلاف في مسألة أخرى وهي أن صاحب العلو ليس له أن يبنى على العلو من غير رضا صاحب السفل وان لم يضر بصاحب السفل من حيث الظاهر عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف له أن يبنى ان لم يضر البناء به ووجه البناء أن صاحب العلو إذا لم يملك البناء على علوه عند أبي حنيفة رحمه الله كان للعلو منفعة واحده وهي منفعة السكنى فحسب وللسفل منفعتان منفعة السكنى ومنفعة البناء عليه وكذا السفل كما يصلح للسكنى يصلح لجعل الدواب فيه فأما العلو فلا يصح الا للسكنى خاصة فكان للسفل منفعتان وللعلو منفعة واحدة فكانت القسمة عنده على الثلث والثلثين وعند أبي يوسف لما ملك صاحب العلو أن يبنى على علوه كانت له منفعتان أيضا فاستوى العلو والسفل في المنفعة فوجب التعديل بالسوية بينهما في الذرع وأما محمد فإنما اعتبر القيمة لان أحوال البلاد وأهلها في ذلك مختلفة فمنهم من يختار السفل على العلو ومنهم يختار العلو على السفل فكان التعديل في اعتبار القيمة والعمل في المسألة على قول محمد رحمه الله وهو اختيار الطحاوي رحمه الله ويحتمل أن أبا حنيفة إنما فضل السفل على العلو بناء على عادة أهل الكوفة من اختيارهم السفل على العلو وأبو يوسف إنما سوى بينهما على عادة أهل بغداد لاستواء العلو والسفل عندهم فأخرج كل واحد منهما الفتوى على عادة أهل زمانه ومحمد بنى الفتوى على المعلوم من اختلاف العادات باختلاف البلدان فكان الخلاف بينهم من حيث الصورة لا من حيث المعنى والله سبحانه وتعالى أعلم وبيان ذلك في سفل بين رجلين وعلو من بيت آخر بينهما أرادا قسمتهما يقسم البناء على القيمة بلا خلاف وأما العرصة فتقسم بالذرع عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد بالقيمة ثم اختلف أبو حنيفة وأبو يوسف فيما بينهما في كيفية القسمة بالذرع فعند أبي حنيفة ذراع بذراعين على الثلث والثلثين وعند أبي يوسف ذراع بذراع ولو كان بينهما بيت تام علو وسفل وعلو من بيت آخر فعند أبي حنيفة يحسب في القسمة كل ذراع من العلو والسفل بثلاثة أذرع من العلو أرباعا عنده لما ذكرنا من الأصل فكانت القسمة أرباعا وعند أبي يوسف ذراع من السفل والعلو بذراعين من العلو لاستواء السفل والعلو عنده فكانت القسمة أثلاثا ولو كان بينهما بيت تام سفل وعلو وسفل آخر فعند أبي حنيفة يحسب في القسمة كل ذراع من السفل والعلو بذراع ونصف من السفل وذراع من سفل البيت بذراع من السفل الآخر وذراع من علوه بنصف ذراع من السفل الآخر وعند أبي يوسف ذراع من التام بذراعين من السفل والله تعالى أعلم وعلى هذا الأصل يخرج ما إذا اقتسما دارا وفضلا بعضها على بعض بالدراهم أو الدنانير
(٢٧)