الشبهة وأما المرتهن إذا وطئ الجارية المرهونة (فوجه) رواية كتاب الرهن أن يد المرتهن يد استيفاء الدين فصار المرتهن مستوفيا الدين من الجارية يدا فقد وطئ جارية هي مملوكة له يدا فلا يجب الحد كالجارية المبيعة إذا وطئها البائع قبل التسليم الا إذا ادعى الاشتباه وقال ظننت انها تحل لي لأنه استند ظنه إلى نوع دليل وهو ملك اليد فيعتبر في حقه درأ للحد وإذا لم يدع فلا شبهة فلا يجب الحد (وجه) رواية كتاب الحدود ان الاستيفاء في باب الرهن إنما يتحقق من مالية الرهن لا من عينه لان الاستيفاء لا يتحقق الا في الجنس ولا مجانسة بين التوثيق وبين عين الجارية فلا يتصور الاستيفاء من عينها فلا يعتبر ظنه ولو وطئ البائع الجارية المبيعة قبل التسليم لا حد عليه وكذلك الزوج إذا وطئ الجارية التي تزوج عليها قبل التسليم لان ملك الرقبة وان زال بالبيع والنكاح فملك اليد قائم فيورث شبهة ولو وطئ المستأجر جارية الإجارة والمستعير جارية الإعارة والمستودع جارية الوديعة يحد وان قال ظننت انها تحل لي لان هذا ظن عرى عن دليل فكان في غير موضعه فلا يعتبر ولو زفت إليه غير امرأته وقلن النساء ان هذه امرأتك فوطئها لا حد عليه منهم من قال إنما لم يجب الحد لشبهة الاشتباه وهذا غير سديد فإنها إذا جاءت بولد يثبت النسب ولو كان امتناع الوجوب لشبهة الاشتباه ينبغي أن لا يثبت لان النسب لا يثبت في شبهة الاشتباه كما فيما ذكرنا من المسائل وههنا يثبت النسب دل أن الامتناع ليس لشبهة الاشتباه بل لمعنى آخر وهو ان وطأها بناء على دليل ظاهر يجوز بناء الوطئ عليه وهو الاخبار بأنها امرأته بل لا دليل ههنا سواه فلئن تبين الامر بخلافه فقيام الدليل المبيح من حيث الظاهر يورث شبهة ولو وطئ أجنبية وقال ظننت انها امرأتي أو جاريتي أو شبهتها بامرأتي أو جاريتي يجب الحد لان هذا الظن غير معتبر لعدم استناده إلى دليل فكان ملحقا بالعدم فلا يحل الوطئ بناء على هذا الظن ما لم يعرف انها امرأته بدليل إما بكلامها أو باخبار مخبر ولم يوجد مع ما أنا لو اعتبرنا هذا الظن في اسقاط الحد لم يقم حد الزنا في موضع ما إذا الزاني لا يعجز عن هذا القدر فيؤدى إلى سد باب الحد وهكذا روى عن إبراهيم النخعي رحمه الله أنه قال لو قيل هذا لما أقيم الحد على أحد وكذلك لو كان الرجل أعمى فوجد امرأة في بيته فوقع عليها وقال ظننتها امرأتي عليه الحد لان هذا ظن لم يستند إلى دليل إذ قد يكون في البيت من لا يجوز وطؤها من المحارم والأجنبيات فلا يحل الوطئ بناء على هذا الظن فلم تثبت الشبهة وروى عن محمد في رجل أعمى دعى امرأته فقال يا فلانة فأجابت غيرها فوقع عليها انه يحد ولو أجابته غيرها وقالت أنا فلانة فوقع عليها لم يحد ويثبت النسب وهي كالمرأة المزفوفة إلى غير زوجها لأنه لا يحل له وطؤها بنفس الإجابة ما لم تقل أنا فلانة لان الإجابة قد تكون من التي ناداها وقد تكون من غيرها فلا يجوز بناء الوطئ على نفس الإجابة فإذا فعل لم يعذر بخلاف ما إذا قالت أنا فلانة فوطئها لأنه لا سبيل للأعمى إلى أن يعرف انها امرأته الا بذلك الطريق فكان معذورا فأشبه المرأة المزفوفة حتى لو كان الرجل بصيرا لا يصدق على ذلك لامكان الوصول إلى أنها امرأته بالرؤية وروى عن زفر في رجل أعمى وجد على فراشه أو مجلسه امرأة نائمة فوقع عليها وقال ظننت انها امرأتي يدرأ عنه الحد وعليه العقر وقال أبو يوسف لا يدرأ (وجه) قول زفر انه ظن في موضع الظن إذ الظاهر أنه لا ينام على فراشه غير امرأته فكان ظنه مستندا إلى دليل ظاهر فيوجب درأ الحد كما لو زفت إليه غير امرأته فوطئها (وجه) قال أبى يوسف ان النوم على الفراش لا يدل على أنها امرأته لجواز أن ينام على فراشه غير امرأته فلا يجوز استحلال الوطئ بهذا القدر فإذا استحل وظهر الامر بخلافه لم يكن معذورا والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما الاحصان فالاحصان نوعان احصان الرجم واحصان القذف أما احصان الرجم فهو عبارة في الشرع عن اجتماع الصفات اعتبرها الشرع لوجوب الرجم وهي سبعة العقل والبلوغ والحرية والاسلام والنكاح الصحيح وكون الزوجين جميعا على هذه الصفات وهو أن يكونا جميعا عاقلين بالغين حرين مسلمين فوجود هذه الصفات جميعا فيهما شرط لكون كل واحد منهما محصنا والدخول في النكاح الصحيح بعد سائر الشرائط متأخرا عنها فان تقدمها لم يعتبر ما لم يوجد دخول آخر بعدها فلا احصان للصبي والمجنون والعبد والكافر ولا بالنكاح الفاسد
(٣٧)