في الالية قصاص ولا في لحم الخدين ولحم الظهر والبطن ولا في جلدة الرأس وجلدة اليدين إذا قطعت لتعذر استيفاء المثل ولا في اللطمة والوكزة والوجأة والدقة لما قلنا ولا يؤخذ العدد بالعدد فيما دون النفس مما يجب على أحدهما فيه القصاص لو أنفرد كالاثنين إذا قطعا يد رجل أو رجله أو إصبعه أو أذهبا سمعه أو بصره أو قلعا سنا له أو نحو ذلك من الجوارح التي على الواحد منها فيها القصاص لو أنفرد به فلا قصاص عليهما وعليهما الأرش نصفان وكذلك ما زاد على الثلاث من العدد فهو بمنزلة الاثنين ولا قصاص عليهم وعليهم الأرش على عددهم بالسواء وهذا عندنا وعند الشافعي يجب القصاص عليهم وان كثروا كما في النفس واحتج بما روى أن رجلين شهدا بين يدي سيدنا على رضى الله تعالى عنه على رجل بالسرقة فامر بقطع يده ثم جاءا بآخر وقالا أوهمنا إنما السارق هذا يا أمير المؤمنين فقال سيدنا على رضى الله تعالى عنه لا أصدقكما على هذا وأغرمكما دية الأول ولو علمت انكما تعمدتما لقطعت أيديكما فقد اعتقد سيدنا على رضى الله تعالى عنه قطع اليدين بيد واحدة وإنما قال ذلك بمحضر من الصحابة رضى الله تعالى عنهم ولم ينقل انه أنكر عليه أحد منهم فيكون اجماعا ولان اليد تابعة للنفس ثم الأنفس تقتل بنفس واحدة فكذا الأيدي تقطع بيد واحدة لان حكم التبع حكم الأصل (ولنا) ان المماثلة فيما دون النفس معتبرة لما ذكرنا من الدلائل ولا مماثلة بين الأيدي ويد واحدة لا في الذات ولا في المنفعة ولا في الفعل (أما) في الذات فلا شك فيه لأنه لا مماثلة بين العدد بين الفرد من حيث الذات يحققه انه لا تقطع الصحيحة بالشلاء والفائت هو المماثلة من حيث الوصف فقط ففوات المماثلة في الوصف لما منع جريان القصاص ففواتها في الذات أولى (وأما) في المنفعة فلان من المنافع ما لا يتأتى الا باليدين كالكتابة والخياطة ونحو ذلك وكذا منفعة اليدين أكثر من منفعة يد واحدة عادة (وأما) في الفعل فلان الموجود من كل واحد منهما قطع بعض اليد كأنه وضع أحدهما السكين من جانب والاخر من جانب آخر والجزاء قطع كل واحد من كل واحد منهما وقطع كل اليد أكثر من قطع بعض اليد وانعدام المماثلة من وجه تكفى لجريان القصاص كيف وقد انعدمت من وجوه وأما قول سيدنا علي رضي الله عنه فلا حجة له فيه لأنه إنما قال ذلك على سبيل السياسة بدليل انه أضاف القطع إلى نفسه وذا لا يكون الا بطريق السياسة والله سبحانه وتعالى أعلم ولو قطع) رجل يميني رجلين تقطع يمينه ثم إن حضرا جميعا فلهما ان يقطعا يمينه ويأخذا منه دية يد بينهما نصفين وهذا قول أصحابنا رحمهم الله وقال الشافعي رحمه الله إذا كان على التعاقب يقطع للأول ويغرم الدية للثاني كما قال في القتل وإن كان على الاجماع يقرع بينهما فيقطع لمن خرجت قرعته ويغرم للآخر الدية كما قال في النفس (وجه) قوله إنه إذا قطع على الترتيب صارت يده حقا للأول فلا تصير حقا للثاني فتجب الدية للثاني وإذا قطع اليدين على الاجتماع فقد صارت يده حقا لأحدهما غير عين وتتعين بالقرعة (ولنا) انهما استويا في سبب استحقاق القصاص فيستويان في الاستحقاق ودليل الوصف ان سبب الاستحقاق قطع اليد وقد وجد قطع اليد في حق كل واحد منهما فيستحق كل واحد منهما قطع يده ولا يحصل من كل واحد منهما في يد واحدة الا قطع بعضها فلم يستوف كل واحد منهما بالقطع الا بعض حقه فيستوفى الباقي من الأرش ولان كل واحد منهما لما استوفى بعض حقه بقطع اليد صار القاطع قاضيا ببعض يده حقا مستحقا عليه فيجعل كأن يده قائمة وتعذر استيفاء القصاص لعذر فتجب الدية (وقوله) صارت يده حقا لمن له القصاص ممنوع فان ملك القصاص ليس ملك المحل بل هو ملك الفعل وهو اطلاق الاستيفاء لان حرية من عليه تمنع ثبوت الملك لأنها تنبئ عن الخلوص والملك في المحل بثبوت فيه فينافيه الخلوص (والدليل) عليه انه لو قطعت يده بغير حق ثابت كانت الدية له ولو صارت يده مملوكة لمن له القصاص لكانت الدية له دل ان ملك القصاص ليس هو ملك المحل بل ملك الفعل وهو اطلاق الاستيفاء ولا تنافى فيه فاطلاق الاستيفاء للأول لا يمنع اطلاق استيفاء الثاني وهذا بخلاف النفس ان الواحد يقتل بالجماعة اكتفاء لان هناك كل واحد منهم استوفى حقه في الكمال لان حقه في القتل وكل واحد منهم استوفى القتل بكماله لما ذكرنا في الجناية على النفس فيما تقدم وان حضر أحدهما والآخر غائب فللحاضر
(٢٩٩)