لا يخرج من هذه المواضع عادة فكان الخروج مضافا إلى ضرب حادث فكان قتيلا ولهذا لو وجد هكذا في المعركة كان شهيدا وفى الأول لا يكون شهيدا ولو مر في محلة فإصابة سيف أو خنجر فجرحه ولا يدرى من أي موضع أصابه فحمل إلى أهله فمات من تلك الجراحة فإن كان لم يزل صاحب فراش حتى مات فعلى عاقلة القبيلة القسامة والدية وان لم يكن صاحب فراش فلا قسامة ولا دية وهذا قولهما وقال أبو يوسف رحمه الله لا قسامة فيه ولا ضمان في الوجهين جميعا وهو قول ابن أبي ليلى رحمه الله وجه قول أبى يوسف ان المجروح إذا لم يمت في المحلة كان الحاصل في المحلة ما دون النفس ولا قسامة فيما دون النفس كما لو وجد مقطوع اليد في المحلة ولهذا لو لم يكن صاحب فراش فلا شئ فيه كذا هذا (وجه) قول أبي حنيفة رحمه الله أنه إذا لم يبرأ عن الجراحة وكان لم يزل صاحب فراش حتى مات علم أنه مات من الجراحة فعلم أن الجراحة حصلت قتلا من حين وجودها فكان قتيلا في ذلك الوقت كأنه مات في المحلة بخلاف ما إذا لم يكن صاحب فراش لأنه إذا لم يصر صاحب فراش لم يعلم أن الموت حصل من الجراحة فلم يوجد قتيلا في المحلة فلا يثبت حكمه وعلى هذا يخرج ما إذا وجد من القتيل أكثر بدنه ان فيه القسامة والدية لأنه يسمى قتيلا لان للأكثر حكم الكل ولو وجد عضو من أعضائه كاليد والرجل أو وجد أقل من نصف البدن فلا قسامة فيه ولا دية لان الأقل من النصف لا يسمى قتيلا ولأنا لو أوجبنا في هذا القدر القسامة لأوجبنا في الباقي قسامة أخرى فيؤدى إلى اجتماع قسامتين في نفس واحدة وهذا لا يجوز وان وجد النصف فإن كان النصف الذي فيه الرأس ففيه القسامة والدية وإن كان النصف الآخر فلا قسامة فيه ولا دية لان الرأس إذا كان معه يسمى قتيلا وإذا لم يكن لا يسمى قتيلا لان الرأس أصل ولأنا لو أوجبنا في النصف الذي لا رأس فيه للزمنا الايجاب في النصف الذي معه الرأس فيؤدى إلى ما قلنا وان وجد الرأس وحده فلا قسامة ولا دية لان الرأس وحده لا يسمى قتيلا وان وجد النصف مشقوقا فلا شئ فيه لان النصف المشقوق لا يسمى قتيلا ولان في اعتباره ايجاب القسامتين على ما بينا ونظير هذا ما قلنا في صلاة الجنازة إذا وجد أكثر البدن أو أقل أو نصفه على التفصيل الذي ذكرنا والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) ان لا يعلم قاتله فان علم فلا قسامة فيه ولكن يجب القصاص إن كان قتيلا يوجب القصاص وتجب الدية إن كان قتيلا يوجب الدية وقد ذكرنا جميع ذلك فيما تقدم (ومنها) أن يكون القتيل من بني آدم عليه الصلاة والسلام فلا قسامة في بهيمة وجدت في محلة قوم ولا غرم فيها لان لزوم القسامة في نفسها أمر ثبت بخلاف القياس لان تكرار اليمين غير مشروع واعتبار عدد الخمسين غير معقول ولهذا لم يعتبر في سائر الدعاوى وكذا وجوب الدية معها لان اليمين في الشرع جعلت دافعة للاستحقاق بنفسها كما في سائر الدعاوى الا انا عرفنا ذلك بالنصوص والاجماع في بني آدم خاصة فبقي الامر فيما وراءهم على الأصل ولهذا لم تجب القسامة والغرامة في سائر الأموال كذا في البهائم وتجب في العبد القسامة والقيمة إذا وجد قتيلا في غير ملك صاحبه لأنه آدمي من كل وجه ولهذا يجب فيه القصاص في العمد والكفارة في الخطأ وتغرم العاقلة قيمته في الخطأ وهذا على أصلهما فأما على أصل أبى يوسف فلا قسامة ولا دية لان العبد عنده مضمون بالخطأ من حيث إنه مال لا من حيث إنه آدمي ولهذا قال تجب قيمته في القتل الخطأ بالغة ما بلغت ولا تتحملها العاقلة فكان بمنزلة البهيمة وكذا الجواب في المدبر وأم الولد والمكاتب والمأذون لما قلنا وسواء كان القتيل مسلما أو ذميا عاقلا أو مجنونا بالغا أو صبيا ذكرا أو أنثى لأنه عليه الصلاة والسلام أطلق القضية بالقسامة والدية في مطلق قتيل أخبر به في بعض الأحاديث ولم يستفسر ولو كان الحكم يختلف لاستفسر ولان دم هؤلاء مضمون بالقصاص والدية في العمد والخطأ فيكون مضمونا بالقسامة والدية وسواء وجد المسلم قتيلا في محلة المسلمين أو في محلة أهل الذمة لان عبد الله بن سهل الأنصاري رضي الله عنه وجد قتيلا في قليب من قليب خيبر وأوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم القسامة على اليهود وكذا الذمي لان لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم الا ما نص بدليل (ومنها) الدعوى من أولياء القتيل لان القسامة يمين واليمين لا تجب بدون الدعوى كما في سائر الدعاوى والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) انكار المدعى
(٢٨٨)