فمات فيهم وقد ذكرناه فيما تقدم وكذلك إذا كان على دابة ولها سائق أو قائدا وعليها راكب فعليه القسامة والدية لأنه في يده وان اجتمع السائق والقائد والراكب فعليهم جميعا لان القتيل في أيديهم فصار كأنه وجد في دارهم وان وجد على دابة لا سائق لها ولا قائد ولا راكب عليها فإن كان ذلك الموضع ملكا لاحد فالقسامة والدية على المالك وإن كان لا مالك له فعلى أقرب المواضع إليه من حيث يسمع الصوت من الأمصار والقرى وإن كان بحيث لا يسمع فهو هدر لما قلنا فيما تقدم فان وجدت الدابة في محلة فعلى أهل تلك المحلة وكذلك إذا وجد في فلاة من الأرض أنه ينظر إن كان ذلك المكان الذي وجد فيه ملكا لانسان فالقسامة والدية عليه وان لم يكن له مالك فعلى أقرب المواضع إليه من الأمصار والقرى إذا كانت بحيث يبلغ الصوت منها إليه فان فكان بحيث لا يبلغ فهو هدر لما قلنا وذكر في الأصل في قتيل وجد بين قريتين انه يضاف إلى أقربهما لما روى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بان يوزع بين قريتين في قتيل وجد بينهما وكذا روى عن سيدنا عمر رضي الله عنه في قتيل وجد بين وادعه وأرحب وكتب إليه عامله بذلك فكتب إليه سيدنا عمر رضي الله عنه ان قس بين القريتين فأيهما كان أقرب فالزمهم فوجد القتيل إلى وادعة أقرب فالزموا القسامة والدية وذلك كله محمول على اما إذا كان بحيث يبلغ الصوت إلى الموضع الذي وجد فيه القتيل كذا ذكر محمد في الأصل حكاه الكرخي رحمه الله والفقه ما ذكرنا فيما تقدم وكذا إذا وجد بين سكتين فالقسامة والدية على أقربهما فان وجد في المعسكر في فلاة من الأرض فإن كانت الأرض التي وجد فيها لها أرباب فالقسامة والدية على أرباب الأرض لأنهم أخص بنصرة الموضع وحفظه فكانوا أولى بايجاب القسامة والدية عليهم وهذا على أصلهما لان المعسكر كالسكان والقسامة على الملاك لا على السكان على أصلهما (فأما) على أصل أبى يوسف رحمه الله فالقسامة والدية عليهم جميعا وان يكن في ملك أحد بان وجد في خباء أو فسطاط فعلى من يسكن الخباء والفسطاط وعلى عواقلهم القسامة والدية لان صاحب الخيمة خص بموضع الخيمة من أهل العسكر بمنزلة صاحب الدار مع أهل المحلة ثم القسامة على صاحب الدار إذا وجد فيها قتيل لا على أهل المحلة كذا ههنا وان وجد خارجا من الفسطاط والخباء فعلى أقرب الأخبية والفساطيط منهم القسامة والدية كذا ذكر في ظاهر الرواية لان الأقرب أولى بايجاب القسامة والدية لما ذكرنا وعن أبي حنيفة رضي الله عنه إذا وجد بين الخيام فالقسامة والدية على جماعتهم كالقتيل يوجد في المحلة جعل الخيام المحمولة كالمحلة على هذه الرواية هذا إذا لم يكن العسكر لقوا عدوا فإن كانوا قد لقوا عدوا فقاتلوا فلا قسامة ولا دية في قتيل يوجد بين أظهرهم لأنهم إذا لقوا عدوا وقاتلوا فالظاهر أن العدو قتله لا المسلمون إذ المسلمون لا يقتل بعضهم بعضا ولو وجد قتيل في أرض رجل إلى جانب قرية ليس صاحب الأرض من أهل القرية فالقسامة والدية على صاحب الأرض لا على أهل القرية لان صاحب الأرض أخص بنصرة أرضه وحفظها من أهل القرية فكان أولى بايجاب القسامة والدية عليه كصاحب الدار مع أهل المحلة ولو وجد قتيل في دار انسان وصاحب الدار من أهل القسامة فالقسامة والدية على صاحب الدار وعلى عاقلته كذا ذكر في الأصل ولم يفصل بين ما إذا كانت العاقلة حضورا أو غيبا وذكر في اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله أن القسامة على رب الدار وعلى عاقلته حضورا كانوا أو غيبا وقال أبو يوسف رحمه الله لا قسامة على العاقل هكذا ذكر فيه وقال الكرخي رحمه الله إن كانت العاقلة حضورا في المصر دخلوا في القسامة وإن كانت غائبة فالقسامة على صاحب الدار تكرر عليه الايمان والدية عليه وعلى عاقلته أما دخول العاقلة في القسامة إذا كانوا حضورا فهو قولهما وظاهر قول أبى يوسف لا قسامة على العاقلة يقتضى أن لا يدخلوا في القسامة (وجه) قول زفر رحمه الله انه لما لزمتهم الدية لزمتهم القسامة كاهل المحلة ولأبي يوسف أن صاحب الدار أخص بالنصرة وبالولاية والتهمة فلا يشاركه العاقلة كما لا يشارك أهل المحلة غيرهم (وجه) قولهما أن العاقلة إذا كانوا حضورا يلزمهم حفظ الدار ونصرتها كما يلزم صاحب الدار وكذا يتهمون بالقتل كما يتهم صاحب الدار فقد شاركوه في سبب وجوب القسامة
(٢٩٢)