الدية فعليه قدر الدية وينقص منها عشرة دراهم لان قيمة العبد في الجناية لا تزاد على دية الحر بل ينقص منها عشرة وسواء قلت جنايته أو كثرت لا يلزم المولى من جناياته أكثر من قيمة واحدة لان سبب الوجوب هو المنع عند الجناية والمنع منع واحد فكان الواجب قيمة واحدة ولان القيمة في جناية المدبر بمنزلة العين في جناية القن قلت جنايته أو كثرت ولا يجب شئ آخر مع الدفع كذلك ههنا وتقسيم قيمته بين أولياء الجنايات على قدر جناياتهم يستوى فيها الأول والثاني لان القسمة في دفع العين هكذا فكذلك قيمة المدبر وسواء قبض ما على المولى أو لم يقبض يشتركون فيه فيتضاربون بقدر حقوقهم وتعتبر قيمة المدبر لكل واحد منهم يوم الجناية عليه لا يوم التدبير وإن كان سبب وجوب الضمان هو المنع وهو التدبير السابق لكن إنما يصير ذلك سببا عند وجود شرطه وهو الجناية فكأنه أنشأ التدبير عندهما وبيان هذه الجملة في مسائل إذا مات المدبر بعد الجناية لم تبطل على المولى القيمة لان حكم جنايته يلزم مولاه فيستوى فيه بقاء المدبر وهلاكه بخلاف القن إذا جنى ثم هلك أنه يبطل حكم الجناية أصلا لان حكم جنايته وجوب الدفع وبالموت خرج عن احتمال الدفع ولو انتقصت قيمته بعد الجناية بان جنى وقيمته ألف ثم عمى لم يحط عن المولى شئ وعليه قيمته تامة لان نقصانه هلاك جزء منه ثم هلاك كله لا يسقط عنه شيئا فكذا هلاك البعض ولو قتل انسانا ثم قتل آخر لا يلزم المولى الا قيمة واحدة لما قلنا وكذلك لو جنى جنايات ثم أعتقه المولى لم يلزمه الا قيمة واحدة لان سبب وجوب الضمان هو المنع وأنه متحد فكان وجود الاعتاق وعدمه بمنزلة واحدة ولو قتل انسانا خطأ ثم قتل آخر خطأ ثم دفع المولى القيمة إلى ولى القتيل الأول فالدفع لا يخلوا ما إن كان بقضاء القاضي أو بغير قضاء القاضي فإن كان بقضاء القاضي فلا سبيل لولى القتيل الثاني على المولى لأنه كان مجبورا على الدفع والمجبور معذور وله أن يتبع ولى القتيل الأول بنصف القيمة لأنه قبض نصف القيمة بغير حق وإن كانت الجنايتان مختلفتين بأن كانت إحداهما نفسا والأخرى ما دون النفس فالثاني يتبع الأول بقدر حصته من القيمة وإن كان الدفع بغير قضاء القاضي فولى القتيل الثاني بالخيار ان شاء ضمن المولى نصف القيمة وان شاء ضمن ولى القتيل الأول لوجود سبب وجوب الضمان من كل واحد منهما لان المولى متعد في دفع العبد والقابض متعد في قبضه فان ضمن المولى فإنه يرجع على القابض وان ضمن القابض لا يرجع على المولى ولو قتل انسانا خطأ فدفع القيمة إلى ولى القتيل ثم قتل آخر خطأ فهذا والأول سواءا في قول أبي حنيفة عليه الرحمة والامر فيه على التفصيل الذي ذكرنا وعندهما لولى القتيل الثاني أن يضمن المولى وله أن يضمن ولى القتيل الأول سواء كان الدفع بقضاء أو بغير قضاء فهما فرقا بين الفصلين وأبو حنيفة عليه الرحمة جمع بينهما (وجه) الفرق لهما أن المولى ههنا ليس بمتعد في حق ولى القتيل الثاني لان الجناية الثانية كانت منعدمة وقت الدفع فلا سبيل إلى تضمينه وفى الفصل الأول كانت الجنايتان موجودتين وقت الدفع فكان الدفع منه إلى الأول تعديا فيضمن (وجه) قول أبي حنيفة رحمه الله ما ذكرنا أن سبب وجوب المضان على المولى هو المنع والمنع منع واحد في حق الأول والثاني جميعا فصار كان الجنايات كلها موجوده وقت الدفع فيصير المولى متعديا في الدفع فكان له تضمينه بخلاف ما إذا كان الدفع بقضاء لان قصاء القاضي صيره مجبورا في الدفع هذا إذا كانت قيمته وقت الجنايتين على السواء فاما إذا كانت مختلفة بان قتل رجلا وقيمته ألف ثم ازدادت قيمته فصار ألفين ثم قتل آخر يضمن المولى لولى القتيل الثاني ألفا آخر ولا حق لولى القتيل الأول في الزيادة لأنها لم تكن موجودة وقت الجناية على الأول فيسلم الزيادة إلى الثاني ويقسم تلك القيمة وهي الألف بين أولياء الأول والثاني يتضاربون فيها فيضرب الأول فيها بعشرة آلاف والثاني بتسعة آلاف لأنه قد وصل إليه ألف من عشرة آلاف فكانت قسمة تلك الألف على تسعة عشر سهما عشرة أسهم للأول وتسعة أسهم للثاني ولو كانت قيمته وقت قتل الأول الفين ووقت الثاني ألفا لا يضمن المولى شيئا والألف تكون لولى القتيل الأول سالما والألف للآخر تقسم بينهما على تسعة عشر سهما عشرة أسهم لولى القتيل الثاني وتسعة أسهم لولى القتيل الأول ولو قتل انسانا
(٢٦٧)