ولا يسترد القيمة لأنه وصل الحق إلى المستحق فلا يسترد وكذا إذا لم يؤد ولكنه عتق بأداء بدل الكتابة أو باعتاق مبتدإ أو بموت المكاتب عن وفاء أو ولد لما قلنا ولو لم يعتق ولكنه عجز فإن كان عجزه قبل قضاء القاضي عليه بالقيمة فاقراره باطل في حق المولى بلا خلاف حتى لا يؤخذ به للحال ولكن يتبع به بعد العتاق لأنه لما عجز قبل القضاء فقد انفسخ العقد من الأصل وعاد قنا كما كان فتبين انه أقر على مولاه واقرار العبد على المولى باطل الا أنه يتبع بعد العتاق لان اقراره في حق نفسه صحيح وإن كان بعد ما قضى القاضي عليه بالقيمة بطل اقراره في حق المولى ولا يؤخذ به للحال عند أبي حنيفة عليه الرحمة ويتبع بعد العتاق وعندهما لا يبطل اقراره في حق المولى ويؤخذ به للحال ويباع (وجه) قولهما ان القيمة قد وجبت عليه باقراره من حيث الظاهر لصحة اقراره ظاهرا أو بقضاء القاضي تقرر الوجوب فلا يحتمل البطلان بالعجز كما لو أقر بدين لانسان ثم عجز ولأبي حنيفة رحمه الله أن صحة اقراره من حيث الظاهر لم تكن لمكان الكتابة لان الداخل تحت الكتابة ما كان من التجارة والاقرار بالجناية ليس من التجارة وإنما كانت لكونه أحق بكسبه من المولى فإذا عجز صار المولى أحق باكسابه فبطل اقراره ولو كان مكان الاقرار صلح بان جنى المكاتب جناية خطأ فصالح منها على مال جاز صلحه على ما ذكرنا ثم إن كان قد أدى بدل الصلح إلى ولى الجناية أو كان لم يؤد لكنه عتق باي طريق كان فقد تقرر الصلح ولا يبطل وإن كان لم يؤد بدل الصلح ولا عتق حتى عجز بطل المال عنه في قول أبي حنيفة رضي الله عنه ويخاطب المولى بالدفع أو الفداء وعندهما لا يبطل ويصير دينا عليه وعلى هذا الخلاف إذا قتل المكاتب انسانا عمدا ثم صالح من دم العمد على مال ثم عجز قبل أداء بدل الصلح انه يبطل الصلح ولا يؤخذ للحال عند أبي حنيفة وعندهما لا يبطل ويؤخذ للحال ولو كان ولى القتيل اثنين فصالح المكاتب أحدهما دون الآخر سقط القصاص عنه وعليه ان يؤدى إلى من صالحه ما صالح عليه وينقلب نصيب الآخر مالا فيغرم المكاتب له الأقل من نصف قيمته ومن نصف الدية لان الواجب عليه في كل الجناية الأقل من قيمته ومن الدية فالواجب في نصفها الأقل من نصف قيمته ومن نصف الدية اعتبارا للنصف بالكل فان عجز قبل الأداء فنصيب المصالح لا يؤخذ للحال وإنما يؤخذ بعد العتاق (وأما) نصيب الآخر فيقال للمولى ادفع نصف العبد أو أفد بنصف الدية على قول أبي حنيفة رضي الله عنه لان الصلح قد بطل عنده وعلى قولهما يدفع نصف العبد أو يفدى بنصف الدية والنصف الآخر يباع في حصة المصالح أو يقضى عنه المولى (وأما) القن إذا قتل رجلا عمدا وله وليان فصالح العبد أحدهما ينقلب نصيب الآخر مالا ونصيب المصالح يؤخذ بعد العتاق بلا خلاف (وأما) غير المصالح فيخاطب المولى بدفع نصف العبد إليه أو الفداء بنصف الدية ولو مات المكاتب قبل أن يؤخذ شئ من ذلك ولم يترك شيئا أصلا أو لم يترك وفاء بالكتابة بطلت الجناية لأنه إذا مات عاجزا فقد مات قنا والقن إذا جنى جناية ثم مات تبطل الجناية أصلا ورأسا وما تركه يكون للمولى إذا مات عبدا كان المتروك مال المولى فيكون له ولو مات المكاتب وترك مالا وعليه دين وكتابه يبدأ بدين الأجنبي لان دين المولى دين ضعيف إذ لا يجب للمولى على عبده دين فكانت البداية بالأقوى أولى وحكى عن قتادة رضي الله عنه قال قلت لابن المسيب ان شريحا يقول الأجنبي والمولى يتحاصان فقال سعيد بن المسيب أخطأ شريح وإن كان قاضيا قضاء زيد بن ثابت أولى وكان زيد يقول يبدأ بدين الأجنبي فالظاهر أنه كان لا يخفى قضاؤه على الصحابة ولم يعرف له مخالف فيكون اجماعا ولو مات المكاتب وترك وفاء بالكتابة وجناية فالجناية أولى لأنها أقوى ولو مات وترك مالا وعليه دين وكتابة وجناية فإن كان قضى عليه بالجناية فصاحب الجناية وصاحب الدين سواء لان الجناية إذا قضى بها صارت دينا فهما دينان فلا يكون أحدهما بالبداية به أولى من صاحبه وإن كان لم يقض عليه بالجناية يبدأ بالدين لأنه متعلق بذمته ودين الجناية لم يتعلق بذمته بعد فكان الأول آكد وأقوى فيبدأ به ويقضى الدين منه ثم ينظر إلى ما بقي فإن كان به وفاء بالكتابة فصاحب الجناية أولى فيبدأ به وان لم يكن به وفاء بالكتابة فما بقي يكون للمولى لأنه يموت قنا على ما بينا وهذا بخلاف ما قبل الموت ان المكاتب يبدأ باي الديون شاء ان شاء بدين الأجنبي وان
(٢٦٩)