بآلة الغير فضمانه على المكره كذلك المرأة إذا أكرهت على الزنا لاحد عليها لأنها بالاكراه صارت محمولة على التمكين خوفا من مضرة السيف فيمنع وجوب الحد عليها كما في جانب الرجل بل أولى لان الموجود منها ليس الا التمكين ثم الاكراه لما أثر في جانب الرجل فلان يؤثر في جانبها أولى هذا إذا كان اكراه الرجل تاما فاما إذا كان ناقصا بحبس أو قيد أو ضرب لا يخاف منه التلف يجب عليه الحد لما مر ان الاكراه الناقص لا يجعل المكره مدفوعا إلى فعل ما أكره فبقي مختارا مطلقا فيؤاخذ بحكم فعله (وأما) في حق المرأة فلا فرق بين الاكراه التام والناقص ويدرأ الحد عنها في نوعي الاكراه لأنه لم يوجد منها فعل الزنا بل الموجود هو التمكين وقد خرج من أن يكون دليل الرضا بالاكراه فيدرأ عنها الحد هذا الذي ذكرنا إذا كان المكره عليه معينا فاما إذا كان مخيرا فيه بان أكره على أحد فعلين من الأنواع الثلاثة غير معين فنقول وبالله التوفيق أما الحكم الذي يرجع إلى الآخرة وهو ما ذكرنا من الإباحة والرخصة والحرمة المطلقة فلا يختلف التخيير بين المباح والمرخص انه يبطل حكم الرخصة أعنى به ان كل ما يباح حالة التعيين يباح حالة التخيير وكلما لا يباح ولا يرخص حالة التعيين لا يباح ولا يرخص حالة التخيير وكل ما يرخص حالة التعيين يرخص حالة التخيير الا إذا كان التخيير بين المباح وبين المرخص وبيان هذه الجملة إذا أكره على أكل ميتة أو قتل مسلم يباح له الاكل ولا يرخص له القتل وكذا إذا أكره على أكل ميتة أو أكل مالا يباح ولا يرخص حالة التعيين من قطع اليد وشتم المسلم والزنا يباح له الاكل ولا يباح له شئ من ذلك ولا يرخص كما في حالة التعيين ولو امتنع من الاكل حتى قتل يأثم كما في حالة التعيين ولو أكره على القتل والزنا لا يرخص له ان يفعل أحدهما ولو امتنع عنهما لا يأثم إذا قتل بل يثاب كما في حالة التعيين ولو أكره على القتل أو الاتلاف لمال انسان رخص له الاتلاف ولو لم يفعل أحدهما حتى قتل لا يأثم بل يثاب كما في حالة التعيين وكذا إذا أكره على قتل انسان وإتلاف مال نفسه يرخص له الاتلاف دون القتل كما في حالة التعيين ولو امتنع عنهما حتى قتل لا يأثم وكذا لو أكره على القتل أو الكفر يرخص له ان يجرى كلمة الكفر إذا كان قلبه مطمئنا بالايمان ولا يرخص له القتل ولو امتنع حتى قتل فهو مأجور كما في حالة التعيين فاما إذا أكره على أكل ميتة أو الكفر لم يذكر هذا الفصل في الكتاب وينبغي ان لا يرخص له كلمة الكفر أصلا كما لا يرخص له القتل لان الرخصة في اجراء الكلمة لمكان الضرورة ويمكنه دفع الضرورة بالمباح المطلق وهو الاكل فكان اجراء الكلمة حاصلا باختياره مطلقا فلا يرخص والله سبحانه وتعالى أعلم وأما الحكم الذي يرجع إلى الدنيا فقد يختلف بالتخيير حتى أنه لو أكره على أكل الميتة أو قتل المسلم فلم يأكل وقتل يجب القصاص على المكره لأنه أمكنه دفع الضرورة بتناول المباح فكان القتل حاصلا باختياره من غير ضرورة فيؤاخذ بالقصاص ولو أكره على القتل أو الكفر فلم يأت بالكلمة وقتل فالقياس ان يجب القصاص على المكره لأنه مختار في القتل حيث آثر الحرام المطلق على المرخص فيه وفى الاستحسان انه لا قصاص عليه ولكن تجب الدية في ماله ان لم يكن عالما ان لفظ الكفر مرخص له منهم من استدل بهذه اللفظة على أنه لو كان عالما ومع ذلك تركه وقتل يجب القصاص على المكره لأنه أخرجها مخرج الشرط ومنهم من قال لا يجب علم أو لم يعلم وجه الاستحسان ما ذكر في الكتاب ان أمر هذا الرجل محمول على أنه ظن أن اجراء كلمة الكفر على اللسان أعظم حرمة من القتل فأورث شبهة الرخصة في القتل والقصاص لا يجب مع الشبهات حتى لو كان عالما يجب القصاص عند بعضهم لانعدام الظن المورث للشبهة وعند بعضهم لا يجب لأنه وان علم بالرخصة فقد استعظم حرف الكفر بالامتناع عنه فجعل استعظامه شبهة دارئة للقصاص والله سبحانه وتعالى أعلم وإنما وجبت الدية في ماله لا على العاقلة لأنه عمد (وقال) عليه الصلاة والسلام لا تعقل العاقلة عمدا ولا يرجع على المكره لان القتل حصل باختياره فلا يملك الرجوع عليه ولو أكره على القتل أو الزنا فزنا القياس ان يجب عليه الحد وفى الاستحسان يدرأ عنه لما مر ولو قتل لا يجب القصاص على المكره ولكنه يؤدب بالحبس والتعزير ويقتص من المكره كما في حالة التعيين على ما مر والله سبحانه وتعالى أعلم هذا كله إذا كان الاكراه على الافعال
(١٨١)