فمنها: أن الذي يلزم الملتقط حفظ اللقيط ورعايته. فأما نفقته، فلا تلزمه، وسيأتي بيان محلها إن شاء الله تعالى. فإن عجز عن الحفظ لأمر عرض، سلمه إلى القاضي، وإن تبرم به مع القدرة، فوجهان بناء على أن الشروع في فرض الكفاية هل يلزم الاتمام ويصير الشارع متعينا؟ وموضع ذكره كتاب السير، والأصح هنا: أن له التسليم إلى القاضي، واختاره ابن كج، ولا خلاف أنه يحرم عليه نبذه ورده إلى ما كان. واعلم أنهم يستعملون في هذا الباب لفظ الحضانة، والمراد منه الحفظ والتربية، لا الأعمال المفصلة في الإجارة، لان فيها مشقة ومؤنة كثيرة، فكيف تلزم من لا تلزمه النفقة؟ وقد أوضحه البغوي فقال: نفقة اللقيط وحضانته في ماله إن كان له مال، ووظيفة الملتقط حفظه وحفظ ماله.
فرع الملتقط البلدي، إذ وجد لقيطا في بلدته، أقر في يده، وليس له نقله إلى البادية إن أراد الانتقال إليها)، بل ينتزع منه لمعنيين. أحدهما: أن عيش البادية خشن، ويفوته العلم بالدين والصنعة. والثاني: تعريض نسبه للضياع. فلو كان الموضع المنتقل إليه من البادية في بياض البلدة يسهل عليه تحصيل ما يراد منها، فعلى المعنى الأول: ل يمنع. وعلى الثاني: إن كان أهل البلد يختلطون بهم، فكذلك، وإلا، منع. وكما ليس له نقله إلى البادية، فليس له نقله إلى قرية. ولو أراد نقله إلى بلدة أخرى، أو التقطه غريب في تلك