فإن قلنا: لا يبرأ، فللقاضي أخذه منه. وإن قلنا: يبرأ، فإن كان المال معرضا للضياع، والغاصب بحيث لا يبعد أن يفلس أو يغيب وجهي، فكذلك، وإلا، فوجهان أحدهما: لا يأخذ فإنه أنفع للمالك. والثاني: يأخذ نظرا لهما جميعا. وليس لآحاد الناس أخذ المغصوب إذا لم يكن معرضا للضياع، ولا الغاصب بحيث تفوت مطالبته ظاهرا. وإن كان كذلك، فوجهان. أصحهما:
المنع، لان القاضي هو النائب عن الناس، ولأنه قد يؤدي إلى الفتنة. والثاني:
الجواز احتسابا ونهيا عن المنكر. فعلى الأول، لو أخذه ضمنه وكان كغاصب من غاصب. وعلى الثاني: لا يضمن، وبراءة الغاصب على الخلاف السابق، وأولى بأن لا يبرأ. قال الامام: ويجوز أن يقال: إن كان هناك قاض يمكن رفع الامر إليه، فلا يجوز، وإلا، فيجوز. إذا عرف هذا، فقال معظم الأصحاب: إذا أخذ السيد اللقطة من العبد كان أخذه التقاطا، لان يد العبد إذا لم تكن يد التقاط، كان الحاصل في يده ضائعا بعد، ويسقط الضمان عن العبد لوصوله إلى نائب المالك، فان كل أهل للالتقاط كأنه نائب عنه. وبمثله قالوا فيما لو أخذه أجنبي، إلا أن المتولي جعل أخذه الأجنبي على الخلاف فيما لو تعلق صيد بشبكة رجل فأخذه غيره، واستبعد الامام قولهم: إن أخذ السيد التقاط، لان العبد ضامن بالأخذ. ولو كان أخذ السيد التقاطا، لسقط الضمان عنه، فيتضرر به المالك، وهذا وجه ذكره ابن كج والمتولي، وحكيا تفريعا عليه أن السيد ينتزعه من يده ويسلمه إلى الحاكم ليحفظه لمالكه أبدا.
وأما الامام فقال: إذا قلنا: إنه ليس بالتقاط، فأراد أخذه بنفسه وحفظه لمالكه، فوجهان مرتبان على أخذ الآحاد المغصوب للحفظ، وأولى بالمنع، لان السيد ساع لنفسه غير متبرع. ثم يترتب على جواز الاخذ حصول البراءة كما قدمنا.
وإن استدعى من الحاكم انتزاعه، فهذه الصورة أولى بأن يزيل الحاكم فيها اليد العادية. وإذا أزال، فأولى أن تحصل البراءة لتعلق غرض السيد بالبراءة، وهو غير منسوب إلى عدوان حتى يغلظ عليه.
الحال الثاني: أن يقره في يده ويستحفظه عليه ليعرفه. فإن لم يكن العبد أمينا، فهو متعد بالاقرار، وكأنه أخذه منه ورده إليه. وإن كان أمينا، جاز، كما لو استعان به في تعريف ما التقطه بنفسه. وذكر الامام في سقوط الضمان وجهين.