النازح، وموضع الدولاب ومتردد البهيمة إن كان الاستقاء بهما، ومصب الماء، والموضع الذي يجتمع فيه لسقي الماشية والزروع من حوض ونحوه، والموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منه، وكل ذلك غير محدود، وإنما هو بحسب الحاجة، كذا قاله الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم. وفي وجه: حريم البئر: قدر عمقها من كل جانب، ولم ير الشافعي رضي الله عنه التحديد، وحمل اختلاف روايات الحديث في التحديد، على اختلاف القدر المحتاج إليه. وبهذا يقاس حريم النهر المحفور في الموات. وأما القناة فآبارها لا يستقى منها حتى يعتبر به الحريم، فحريمها: القدر الذي لو حفر فيه لنقص ماؤها، أو خيف منه انهيار وانكباس، ويختلف ذلك بصلابة الأرض ورخاوتها. وفي وجه: أن حريمها حريم البئر التي يستقى منها، ولا يمنع من الحفر إذا جاوزه وإن نقص الماء، وبهذا الوجه قطع الشيخ أبو حامد ومن تابعه. والقائلون به، قالوا: لو جاء آخر وتنحى عن المواضع المعدودة حريما، وحفر بئرا ينقص ماء الأول، لم يمنع منه، وهو خارج عن حريم البئر. والأصح: أنه ليس لغيره الحفر حيث ينقص ماءها، كما ليس لغيره التصرف قريبا من بنائه بما يضر به، بخلاف ما إذا حفر بئرا في ملكه، فحفر جاره بئرا في ملكه فنقص ماء الأول، فإنه يجوز. قال ابن الصباغ: والفرق أن الحفر في الموات ابتداء تملك، فلا يمكن منه إذا تضرر الغير، وهنا كل واحد متصرف في ملكه.
وعلى هذا، فذلك الموضع داخل في حريم البئر أيضا. واعلم أن ما حكمنا بكونه حريما، فذلك إذا انتهى الموات إليه. فإن كان هناك ملك قبل تمام حد الحريم، فالحريم إلى حيث ينتهي الموات.
فرع كل ما ذكرناه في حريم الأملاك، مفروض فيما إذا كان الملك محفوفا بالموات، أو متاخما له من بعض الجوانب. فأما الدار الملاصقة للدار، فلا حريم لها، لان الأملاك متعارضة، وليس جعل موضع حريما لدار، أولى من جعله حريما لأخرى، وكل واحد من الملاك يتصرف في ملكه على العادة، ولا ضمان عليه إن أقضى إلى تلف. فإن تعدى، ضمن. والقول في تصرف المالكين المتجاوزين