لكن له أخذ الأرش على قولنا: شراء، وليس له على الافتداء، وذكر الامام: أنه إذا لم يثبت الخيار للمشتري، ففي ثبوته للبائع وجهان، لان هذا الخيار، لا يكاد يتبعض. والمذهب على الجملة: ثبوته للبائع دون المشتري. وأما ولاؤه، فموقوف. فإن مات وخلف مالا، ولا وارث له بغير الولاء، نظر، إن صدق البائع المشتري، اخذه ورد الثمن. وإن كذبه وأصر على كلامه الأول، فظاهر النص: أن الميراث يوقف كما وقف الولاء. واعترض عليه المزني فقال: للمشتري أخذ قدر الثمن مما تركه. فإن فضل شئ، كان الفاضل موقوفا، لان المشتري، إما كاذب، فالميت رقيق له وجميع أكسابه له، وإما صادق، فالأكساب للبائع إرثا بالولاء، وقد ظلمه بأخذ الثمن، وتعذر استرداده، فإذا ظفر بماله، كان له أخذ قدر الثمن.
واختلف الأصحاب، فذهبت طائفة إلى ظاهر النص، وتخطئه المزني، قالوا: لأنه لو أخذه لأنه كسب مملوكه، فقد نفاه بإقراره، أو بجهة الظفر بمال ظالمه، فقد بذله تقربا إلى الله تعالى باستنقاذ حر، فلا يرجع فيه كالصدقة، ولأنه لا يدري بأي جهة يأخذه، فيوقف إلى ظهور جهته. وذهب ابن سريج وأبو إسحاق والجمهور: إلى أن المذهب ما قاله المزني. وقال ابن سريج وغيره: وقد نص عليه الشافعي رضي الله عنه في غير هذا الموضع. وحملوا ما ذكره هنا، على أن ما يأخذه بجهة الولاء يكون موقوفا وقف الولاء، وهو ما زاد على قدر الثمن. فأما المستحق بكل حال، فلا معنى للوقف فيه. قالوا: ويجوز الرجوع في المبذول فدية وقربة، كمن فدى أسيرا ثم استولى المسلمون على الكفار ووجد الفادي عين ماله، أخذه. وأما اختلاف الجهة، فلا يمنع الاخذ بعد الاتفاق على أصل الاستحقاق.
الصيغة الثانية: يقول هو حر الأصل، أو أعتق قبل أن تشتريه، فإذا اشتراه، فهو افتداء من جهته بلا خلاف. وأما إذا مات وخلف مالا، ولا وارث له بغير الولاء، فماله لبيت المال، وليس للمشتري أخذ شئ منه، لان المال بزعمه ليس للبائع حتى يأخذه عوضا عن الثمن. ولو مات العبد قبل ان يقبضه المشتري، لم يكن للبائع أن يطالبه بالثمن، لأنه لا حرية في زعمه، وقد تلف المبيع قبل القبض.