أحدهما: يوجب العقوبة كالزنا، وشرب الخمر، والسرقة، والقذف، وما يوجب القصاص في النفس، أو الطرف، فيقبل إقراره به، وتقام عليه عقوبته، خلافا للمزني. وإذا أقر بسرقة توجب القطع، قبل في القطع. وأما المال، فإن كان تالفا، فقولان. أحدهما: يقبل ويتعلق الضمان برقبته. وأظهرهما: لا يقبل ويتعلق الضمان بذمته، إلا أن يصدقه السيد فيقبل. وإن كان باقيا، نظر، إن كان في يد السيد، لم ينتزع منه إلا بتصديقه. وإن كان في يد العبد، فطريقان. أحدهما: أن في انتزاعه القولين في التالف. فإن قلنا: لا ينتزع، ثبت بدله في ذمته. والطريق الثاني: لا ينتزع قطعا، لان يده كيد سيده. وقيل: إن كان المال في يد العبد، قبل إقراره، وإلا، فلا. وإذا اختصرت قلت: في قوله أربعة أقوال. أظهرها: لا يقبل. والثاني: يقبل.
والثالث: يقبل إن كان المال باقيا. والرابع: عكسه.
وإذا أقر بسرقة توجب القطع، ثم رجع، كان كاقراره بسرقة لا توجب القطع، وسنذكر في الضرب الثاني إن شاء الله تعالى. ولو أقر بالقصاص على نفسه، فعفا المستحق على مال، أو عفا مطلقا، وقلنا: إنه يوجب المال، فوجهان. أصحهما عند البغوي: أنه يتعلق برقبته. وإن كذبه السيد، لأنه إنما أقر بالعقوبة، وإنما وجب المال بالعفو. والثاني: أن الحكم كذلك إن قلنا: موجب العمد القصاص، قلنا: موجبه أحد الامرين، ففي ثبوت المال، قولان، كالاقرار بالسرقة الموجبة للقطع.
الضرب الثاني: ما لا يوجب عقوبة، فإذا أقر بدين جناية، كغصب، أو سرقة لا توجب قطعا، أو إتلاف، وصدقه السيد، تعلق برقبته، فيباع فيه إلا أن يفديه السيد، وإذا بيع فبقي شئ من الدين، فهل يتبع به إذا عتق؟ فيه قولان مذكوران في كتاب الجنايات.