(والثاني) أنه أحد منفعتي الأمة فلم يبطل بموت السيد كالمنفعة الأخرى، ولان المنافع قد تنتقل بالمعاوضة كالأعيان فجاز أن تنتقل بالإرث كالأعيان.
ويتحرر من هذا الاعتلال قياسان:
(أحدهما) أن ما صح أن ينتقل بعوض صح أن تنقل به المنافع في الإجارات ولان بالموت يعجز عن إقباض ما استحق تسليمه بعقد الإجارة فلم يبطل بعد العقد كالجنون والزمانة، ولأنه عقد لا يبطل بالجنون فلم يبطل بالموت كالبيع، ولان منافع الأعيان مع بقاء ملكها قد يستحق بالرهن تارة وبالإجارة أخرى.
فلما كان ما تستحق منفعته بارتهانه إذا انتقل ملكه بالموت لم يوجب بطلان رهنه وجب أن يكون ما استحقت منفعته بالإجارة إذا انتقل ملكه بالموت لم يوجب بطلان إجارته، وقد استدل الشافعي بهذا في الام.
ولان الوارث إنما يملك بالإرث ما كان يملكه الموروث، والموروث إنما كان يملك الرقبة دون المنفعة فلم يجز أن يصير الوارث مالكا للرقبة والمنفعة، ولان إجارة الوقف لا تبطل بموت مؤجره بوفاق أبي حنيفة. وإن قال بعض أصحابنا: تبطل، فكذلك إجارة الملك لا تبطل بموت مؤجره كالوقف وأما الجواب عن قياسه على النكاح والمضاربة مع انتقاضه بالوقف فهو أنه إن رده إلى النكاح، فالنكاح لم يبطل بالموت، وإنما انقضت مدته بالموت فصار كانقضاء مدة الإجارة.
وان رده إلى المضاربة والوكالة فالمعنى فيهما عدم لزومهما في حال الحياة، وجواز فسخهما بغير عذر، وليست الإجارة كذلك للزومهما في حال الحياة.
وأما الجواب عن قياسه على انهدام الدار، فهو أن المعنى فيه فوات المعقود عليه قبل قبضه.
وأما الجواب عن قياسه على ما إذا باع ما أجر برضى المستأجر فهو غير مسلم الأصل لان الإجارة لا تبطل بالبيع عن رضاه كما لا تبطل بالبيع عن سخطه، وإنما البيع مخطب في إبطاله ثم ينتقص على أصله بعتق العبد المواجر قد زال ملك