باع بعد الوصية بالثلث منها ما بقي من ثلثها صحت الوصية بكل الثلث الباقي بعد البيع، فكذلك تصح بالثلث الباقي بعد المستحق، وليس بما ذكراه من استدلال بثلث المال وجه، لان الوصية لم تعتبر الا في ثلث ملكه، وملكه هو الباقي بعد الاستحقاق، ولو فعل مثل ذلك في الوصية بالدار فقال قد أوصيت لك بثلث ملكي من هذه الدار فاستحق ثلثا ها كان له ثلث ثلثها الباقي (مسالة) إذا ابتدأ الوصية بثلث ماله لرجل، أوصى ان يحج عنه رجل بمائة درهم، ثم أوصى بالباقي من ثلث المال لاخر، فقد اختلف أصحابنا في الموصى له بالباقي في هذه المسألة إذا قدم الوصية بالثلث على وجهين (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق المروزي: انها باطلة لان تقديم الوصية بالثلث يمنع من أن يبقى شئ من الثلث، فجعل نصف أجار الورثة الوصية بالثلث وبالمائة امضيا وان لم يجيزوها ردا إلى الثلث، فجعل نصف الثلث لصاحب الثلث، وكان النصف الآخر بين الموصى له بالمائة وبين الموصى له بالباقي على ما مضى من الوجهين (فرع) الوصية بالمنفعة كما أسلفنا القول كالوصية بالعين، فلما كان لموصى له بالرقبة يجوز له المعاوضة عليها لأنه قد ملكها بالوصية كان الموصى له بالخدمة أيضا يجوز له المعاوضة عليها لأنه قد ملكها بالوصية، فإذا ثبت هذا فالوصية بالمنفعة ضربان مقدرة بمقدرة بمدة ومؤبدة. فان قدرت بمدة كان قال: قد أوصيت لزيد بخدمة عبدي سنه فالوصية جائزة له بخدمة سنه، والمعتبر في الثلث منفعة السنة دون الرقبة. وفى كيفية اعتبارها وجهان (أحدهما) وهو قول أبى العباس بن سريج انه يقوم العبد كامل المنفعة في زمانه كله. فإذا قيل مائة دينار قوم وهو مسلوب المنفعة سنه. فإذا قيل ثمانون دينارا فالوصية بعشرين دينارا. وهي خارجه من الثلث ان لم يكن على الموصى دين والوجه الثاني: وهو الذي أراه مذهبنا انه يقوم خدمة مثله سنه فتعتبر من الثلث، ولا تقوم الرقبة لان المنافع المستهلكة في العقود والعصوب هي المقومة دون الأعيان، فلو أراد ان يستأجر دكانا فان ذلك يعد معاوضة على المنفعة فلا تقوم العين على حدة والمنفعة على حدة، وإنما العقد لا يكون الا على المنفعة فكذلك في الوصايا، فإذا علم القدر الذي تقومت به خدمة السنة اما من العين
(٤٥٦)