أولا حج عليه، فإن لم يكن عليه حج لم يجز أن يتطوع عنه بالحج، وإن كان عليه حجة الاسلام فمات من غير أن يوصى بها فواجب أن يحج عنه من رأس ماله بأقل ما يوجد من ميقات بلده، وكذلك يخرج عنه من رأس ماله ما وجب عليه من زكوات وكفارات، وان لم يوص بها.
وقال أبو حنيفة: لا يصح الحج عنه ولا الزكاة ولا الكفارة الا بوصية منه وهذا فاسد بما ذكره النووي في الحج بأقوى حجاج، ولان ما تعلق وجوبه بالمال ازم أداؤه وان لم يوص به كالديون. وإذا لزم أداؤه عنه فمن رأس المال كالديون وتخرج منه أجرة المثل من الميقات لا من بلده، وإن كانت استطاعته من بلده شرطا وجوب حجه، لأنه إذا كان حيا لزمه أداؤه بنفسه فصار نفقة معتبرة في استطاعته، وإذا مات لم يتعين الثلث عنه أن يكون في بلده، وإنما لزم أن يؤتى بالحج من ميقات بلده فلذلك اعتبر أجرة المثل من ميقات بلده.
(فرع) إذا أوصى أن يحج عنه، فإن كان عليه حج فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام. أحدها: أن يجعل الحج من رأس ماله، فهذا على ضربين. أحدهما: أن يذكر قدر ما يحج به عنه، والثاني: أن لا يذكر، فإن لم يذكر أخرج عنه من رأس ماله قدر أجرة المثل من ميقات بلده، ولا يستفاد بوصية الا التذكير والتأكيد، وسواء ذكر القدر أم لم يذكر، فإن أجرة المثل أتم إذا كانت من الميقات وخروجها من رأس المال.
والقسم الثاني: أن يوصى بالحج من ثلثه فهذا على ضربين.
(أحدهما) أن يجعل كل الثلث مصروفا إلى الحجة الواجبة عليه فهذا الحج عنه بالثلث من بلده أن أمكن، ولا يجوز أن يدفع إلى وارثه ان زاد على أجرة المثل، ويجوز أن يدفع إليه ان لم يزد، فإن عجز الثلث عن الحج من بلده أحج به عنه من حيث أمكن من طريقه فان عجز الا من ميقات البلد أحج به عنه من ميقات البلد، فان عجز عنه وجب اتمام أجرة المثل من ميقات بلده من رأس المال وصار فيها دور، لان ما يتمم به أجرة المثل من رأس ماله يقتضى نقصان رأس المال.
(والضرب الثاني) أن لا يجعل كل الثلث مصروفا إلى الحج بل يقول: أحجوا