وإن أجازوا الوصايا كلها مع ضيق الثلث عنها ودخول العجز بالنصف عليها ففي إجازتهم قولان.
(أحدهما) أن إجازتهم ابتداء عطية منهم لامرين. أحدهما: أن ما زاد على الثلث منهى عنه، والنهى يقتضى فساد المنهى عنه.
(والثاني) أنهم لما كانوا بالمنع مالكين لما منعوه وجب أن يكون بالإجارة معطين لما أجازوه فعلى هذا قد ملك أهل الوصايا نصفا بالوصية لاحتمال الثلث لها ولا يفتقر بملكهم لها إلى قبض ونصفها بالعطية لعجز الثلث عنها، ولا يتم ملكهم إلا بقبضه. والثاني: وهو أصح، وبه قال أبو حنيفة: إن إجازة الورثة تنفيذ أو إمضاء لفعل الميت، وإن ذلك مملوك بالوصية دون العطية لامرين (أحدهما) أن ما استحقوه من الخيار في عقود الميت لا يكونون بالامضاء عاقدين لها كالمشتري سلعة إذا وجد وارثه به عيبا فأمضى الشراء ولم ينسخه كان تنفيذا ولم يكن عقدا فكذلك خياره في إجازة الوصية (والثاني) أن لهم رد ما زاد على الثلث في حقوق القسمة، فإذا أجازوه سقطت حقوقهم منه، فصار الثلث وما زاد عليه سواء في لزومه لهم، فإذا استوى الحكم في الجميع مع اللزوم اقتضى أن يكون جميعه وصية لا عطية فعلى هذا يلزمهم نصف الوصايا بالوصية من غير إجازة لاحتمال الثلث لها، ونصف بالإجازة بعد الوصية من غير قبض تعيين، ولا رجوع يسوغ (فرع) قد أسلفنا القول في عطايا المرض وتقديمها على الوصايا إذا ضاق الثلث عنها، وقلنا عن ترتيب المريض لها ما لم يتخلل الوصايا عتق، وأقوال الفقهاء الوارد عليه، أما إذا أوصى أن يحج عنه حجة الاسلام المكتوبة من الثلث أو يقضى دينه من الثلث فقال الشافعي رضي الله عنه: ولو أوصى أن يحج عنه ولم يحج حجة الاسلام فإن بلغ ثلثه حجته من بلده أحج عنه من بلده، وان لم يبلغ أحج عنه من حيث بلغ. قال المزني: والذي يشبه قوله أن يحج عنه من رأس ماله لأنه في قوله دين عليه وجملة ذلك أن للمستدل في الحج عنه حالتان، حالة يوصى به وحاله لا يوصى به، فإن لم يوص به فلا يخلو حاله من أحد أمرين اما أن يكون عليه حج واجب