على هذا القول يقتضى عوضا مجهولا، وإن لم يدفع إليه العوض وتلف الموهوب ضمن العوض بلا خلاف، وإن شرط عوضا معلوما ففيه قولان (أحدهما) أن العقد يبطل، لأن العقد يقتضى عوضا غير مقدر فبطل بالتقدير (والثاني) يصح لأنه إذا صح بعوض مجهول فلان يصح بعوض معلوم أولى (فصل) وإن اختلف الواهب والموهوب له، فقال الواهب وهبتك ببدل وقال الموهوب له: وهبتني على غير بدل. ففيه وجهان، أحدهما أن القول قول الواهب، لان لم يقر لخروج الشئ من ملكه إلا على بدل. والثاني أن القول قول الموهوب له، لان الواهب أقر له بالهبة وادعى بدلا الأصل عدمه.
(الشرح) حديث ابن عباس رواه أحمد وابن حبان. وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح، وأخرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة بنحوه، وطوله الترمذي ورواه من وجه آخر، وبين أن الثواب كان ست بكرات، وكذا رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم.
وقد روى أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى لله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها) أي يعطى المهدى بدلها.
والمراد بالثواب المجازات وأقله ما يساوى قيمة الهداية، ولفظ ابن أبي شيبة ويثيب ما هو خير منها. وقد أعل حديث عائشة بالارسال. قال البخاري: لم يذكر وكيع ومحاضر عن هشام عن أبيه عن جده عن عائشة، وقد استدل بعض المالكية به على وجوب المكافأة على الهدية إذا أطلق المهدى وكانت ممن مثله يطلب الثواب، كالفقير للغنى بخلاف ما يهبه الاعلى للأدنى ووجه الدلالة منه مواظبته صلى الله عليه وسلم، ومن حيث المعنى أن الذي أهدى قصد أن يعطى أكثر مما أهدى، فلا أقل من أن يعوض بنظير هديته، وبه قال الشافعي في القديم، ويجاب بأن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب، ولو وقعت المواهبة كما تقرر في الأصول وذهبت الحنفية والشافعي في الجديد أن الهبة للثواب باطلة لا تنعقد لأنها بيع