في الديوان بغير سبب، فالناظر الخاص أولى، ولا اثر للفرق بأن هؤلاء ربطوا أنفسهم للجهاد الذي هو فرض، ومن ربط نفسه لا يجوز إخراجه بلا سبب بخلاف الوقف فإنه خارج عن فروض الكفايات، بل يرد بأن التدريس فرض أيضا، وكذلك قراءة القرآن، فمن ربط نفسه بهما فحكمه كذلك على تسليم ما ذكر من أن الربط به كالتلبس به، وإلا فشتان ما بينهما، ومن ثم اعتمد البلقيني أن عزله من غير مسوغ لا ينفذ، بل هو قادح في نظره، وفى شرح المنهاج في الكلام على عزل القاضي بلا سبب ونفوذ العزل في الامر العام: أما الوظائف كأذان وإقامة وتدريس وطلب ونحوه فلا ينعزل أربابها بالعزل من غير سبب كما أفتى به كثير من المتأخرين، منهم ابن رزين فقال: من تولى تدريسا لم يجز عزله بمثله ولا بدونه ولا ينعزل بذلك، قال الرملي: وهذا هو المعتمد.
وإذا قلنا: لا ينفط عزره الا بسبب فهل يلزمه بيان مستنده؟ الفتوى أكثر المتأخرين بعدمه وقيده بعضهم بما إذا وثق بعلمه ودينه، وزيفه التاج السبكي بأنه لا حاصل له. ثم بحث أنه ينبغي وجوب بيان مستنده مطلقا أخذا من قولهم:
لا يقبل دعواه الصرف لمستحقين معينين، بل القول قولهم ولهم مطالبته بالحساب وادعى الولي العراقي أن الحق التقييد وله حاصل لان عدالته غير مقطوع بها، فيجوز أن يختل وأن يظن ما ليس بقادح قادحا بخلاف من تمكن علما ودينا زيادة على ما يعتبر في الناظر من تمييز ما يقدم وما لا يقدح، ومن ورع وتقوى يحولان بينه وبين متابعة الهوى.
ولو طلب المستحقون من الواقف كتاب الوقف ليكتبوا منه نسخه حفظا لاستحقاقهم لزمه تمكينهم وذلك أخذا من افناء جماعة أنه يجب على صاحب كتب الحديث إذا كتب فيها سماع غيره معه لها أن يعيره إياها ليكتب سماعه منها ولو تغيرت المعاملة وجب ما شرطه الواقف مما كان يتعامل به حال الوقف، زاد سعره أم نقص سهل تحصيله أم لا، فإن فقد اعتبرت قيمته يوم المطالبة ان لم يكن له مثل حينئذ والا وجب مثله.
وإذا أجر الناظر الوقف على معين أو جهة إجارة صحيحة فزادت الأجرة