(الشرح) الأحكام: إذا تنازع كفالته اثنان من غير أهل الكفالة لفسقهما أو رقهما مع كونهما غير مأذونين من سيديهما فإنه لا يقر في يدي واحد منهما:
وينزع منهما ويسلم إلى غيرهما: فإذا كانا من أهل الكفالة، وان كل واحد منهما ممن يقر في يده لو أنفرد، الا أن أحدهما أحظ للقيط من الاخر، مثل أن يكون أحدهما موسرا والاخر معسرا فالموسر أحق لان ذلك أحظ للطفل، وان التقط مسلم وكافر طفلا محكوما بكفره، فقد قال أصحابنا وأصحاب أحمد: هما سواء، لان للكافر ولاية على الكافر، ويقر في يده إذا انفرد بالتقاطه، فساوى المسلم في ذلك، ولابن قدامة الحنبلي رأى في مخالفته مذهبه بقوله: ان دفعه إلى المسلم أحظ له، لأنه يصير مسلما فيسعد في الدنيا والآخرة، وينجو من النار، ويتخلص من الجزية والصغار، فالترجيح بهذا أولى من الترجيح باليسار الذي إنما يتعلق به توسعة عليه في الانفاق، وقد يكون الموسر بخيلا فلا تحصل التوسعة، فان تعارض الترجيحان فكان المسلم فقيرا والكافر موسرا فالمسلم أولى، لان النفع الحاصل له باسلامه أعظم من النفع الحاصل بيساره مع كفره. قال: وعلى قياس قولهم في تقديم الموسر ينبغي أن يقدم الجواد على البخيل، لان حظ الطفل عنده أكثر من الجهة التي يحصل له الحظ فيها باليسار، وربما تخلق بأخلاقه وتعلم من جوده.
فإذا تساويا في كونهما مسلمين عدلين حرين مقيمين فهما سواء فيه فان رضى أحدهما باسقاط حقه وتسليمه إلى صاحبه جاز، لان الحق له فلا يمنع من الايثار به، وان تشاحا أقرع بينهما لقول الله تعالى (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) ولأنه لا يمكن كونه عندهما، لأنه لا يمكن أن يكون عندهما في حاله واحدة، وان تهايأة فجعل عندكل واحد يوما أو أكثر من ذلك اضر بالطفل لأنه تختلف عليه الأغذية والانس والألف، ولا يمكن دفعه إلى أحدهما دون الاخر بغير قرعة لان حقهما متساو، فتعيين أحدهما بالتحكم لا يجوز فتعين الاقراع بينهما، كما يقرع بين الشركاء في تعيين السهام في القسمة وبين النساء في البداية بالقسمة وبين العبيد في الأعناق، والرجل مقدم على المرأة عندنا على الأصح