أما الأحكام فإنه ليس لكافر التقاط مسلم لأنه لا ولاية لكافر على مسلم، ولأنه لا يؤمن أن يفتنه ويلقنه الكفر، بل الظاهر أنه يربيه على ملته وينشأ على ذلك كولده، فإن التقطه فلا يقر في يده، وإن كان الطفل محكوما بكفره فله التقاطه لان الذين كفروا بعضهم أولياء بعض.
أما إذا التقطه من هو مستور الحال لم تعرف منه حقيقة العدالة ولا الخيانة أقر اللقيط في يديه، لان حكمه حكم العدل في لقطة المال والولاية في النكاح والشهادة فيه وفى أكثر الأحكام، ولان الأصل في المسلم العدالة، ولذلك قال عمر رضي الله عنه: المسلمون عدول بعضهم على بعض، فان أراد أن يسافر بلقطته فإنه لا يقر في يديه، وهذا هو مذهبنا، لأنه لم تتحقق أمانته فلم تؤمن خيانته، وهذا أحد الوجهين عند الحنابلة. والوجه الثاني عندهم يقر فأما من عرفت عدالته واتضحت أمانته، فيقر اللقيط في يده في سفره وحضره لأنه مأمون عليه إذا كان سفره لغير النقلة، فإذا كان سفر الأمين باللقيط إلى مكان يقيم به نظرت فإن كان التقطه من الحضر فأراد النقل به إلى البادية لم يقر في يده لوجهين:
(أحدهما) أن مقامه في الحضر أصلح له في دينه ودنياه وأرفه له (والثاني) أنه إذا وجد في الحضر فالظاهر أنه ولد فيه فبقاؤه فيه أرجى لكشف نسبه وظهور أهله واعترافهم به، النقلة به من بلد الحضر ففيه وجهان (أحدهما) وهو المنصوص، وهو أحد الوجهين عند الحنابلة: يقر في يده لان ولايته ثابتة، والبلد الثاني كالبلد الأول في الرفاهية فيقر في يده، كما لو انتقل من أحد أقسام البلد إلى قسم آخر، وفارق المنتقل به إلى البادية لأنه يضر به بتفويت الرفاهية عليه وان التقطه من البادية فله نقله إلى الحضر لأنه ينقله من أرض البؤس والشقاء إلى الرفاهية والدعة والدين (الثاني) لا يقر في يده، ولان بقاءه في بلده أرجى لكشف نسبه فلم يقر في يد المنتقل عنه قياسا على المنتقل به إلى البادية، وان أقام به في حلة يستوطنها، فله ذلك، وإن كان ينتقل به إلى المواضع أحتمل أن يقر في يديه، لأن الظاهر