أما الأحكام: فقد قال الشافعي رضي الله عنه في الدعوى والبينات من الام وإذا تداعى الحر والعبد المسلمان والذمي الحر والعبد مولودا وجد لقيطا فلا فرق بين أحد منهم كما لا يكون بينهم فرق فيما تداعوا فيه مما يملكون: فتراه القافه، فإن ألحقوه بأحدهم فهو ابنه ليس له أن ينفيه ولا للمولود أن ينتفى منه بحال أبدا وان ألحقته القافه باثنين فأكثر أو لم تكن قافه، أو كانت فلم تعرف، لم يكن ابن واحد منهم حتى يبلغ فينتسب إلى أيهم شاء، فإذا فعل ذلك انقطعت دعوى الآخرين، ولم يكن للذي انتسب إليه أن ينفيه وهو حر في كل حالاته بأيهم لحق لان اللقيط حر، وإنما جعلناه حرا إذا غاب عنا معناه، لان أصل الناس الحرية حتى يعلم أنهم غير أحرار ولو أن أحدهم قال: هو ابني من أمة نكحتها لم يكن بهذا رقيقا لرب الأمة حتى يعلم أن الأمة ولدته، ولا يجعل اقرار غيره لازما له، ويكفى القائف الواحد لان هذا موضع حكم بعلم لا موضع شهادة، ولو كان، إنما حكمه حكم الشهادات ما أجزنا غير اثنين ولا أجزنا شهادة اثنين يشهدان على ما لم يحضرا ولم يريا، ولكنه كاجتهاد العالم ينفذه هذا، ولا يحتاج معه إلى ثان ولا يقبل القائف الواحد حتى يكون أمينا ولا أكثر منه حتى يكونوا أمناء أو بعضهم، فإذا أحضرنا القائف والمتداعيين للولد أو ذوي أرحامهم إن كان المدعون له موتى أو كان بعض المدعين له ميتا، فأحضرنا ذوي رحمه أحضرنا احتياطا أقرب الناس نسبا وشبها في الخلق والسن والبلد والمدعين له، ثم فرقنا بين المتداعيين منهم، ثم أمرنا القائف يلحقه بأبيه أو أقرب الناس بأبيه ان لم يكن له أب.
وإن كانت معه أم أحضرنا لها نسبا في القرب منها كما وصفت ثم بدأنا فأمرنا القائف أن يلحقه بأمه لان للقائف في الام معنى، ولكي يستدل به على صوابه في الأب ان أصاب فيها ويستدل على غيره ان أخطأ فيها، فخالفنا بعض الناس في القافه فقال القافه باطل، فذكرنا له أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع مجززا المدلجي ونظر إلى أقدام أسامة وأبيه زيد وقد غطيا وجوههما فقال: إن هذه الاقدام بعضها من بعض فحكى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة مسرورا به، فقال: