وإن كان الملتقط في بدو، فإن كان الملتقط من أهل الحضر وأراد أن يخرج به إلى الحضر جاز، لان الحضر أرفق به وأنفع له، وإن كان من البادية فإن كانت حلته في مكان لا ينتقل عنه أقر في يده، لان الحلة كالقرية، وإن كان يظعن في طلب الماء والكلأ ففيه وجهان (أحدهما) يقر في يده لأنه أرجى لظهور نسبه.
(والثاني) لا يقر في يده لأنه يشقى بالتنقل في البدو.
(فصل) وإن التقطه فقير ففيه وجهان (أحدهما) لا يقر في يده لأنه لا يقدر على القيام بحضانته، وفى ذلك إضرار باللقيط (والثاني) يقر في يده لان الله تعالى يقوم بكفاية الجميع.
(الشرح) حديث (من بدا فقد جفا) رواه أحمد في المسند عن البراء بن عازب بلفظ (من بدا جفا) ورواه الطبراني في الكبير عن عبد الله بن مسعود بلفظ (من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن) وإسناد أحمد صحيح، وفى إسناد الطبراني نظر أما اللغات فقوله: ظاعن فاعل ظعن وبابه نفع، أي ارتحل ويتعدى بالهمزة وبالحرف، فيقال أظعنته وظعنت به، فهو ظاعن للفاعل ومظعون للمفعول، والأصل مظعون به ولكن حذفت الصلة لكثرة الاستعمال، وباسم المفعول سمى الرجل، ويقال للمرأة ظعينة فعيلة بمعنى مفعولة، لان زوجها يظعن بها، ويقال الظعينة الهودج، وسواء كان فيه امرأة أم لا، والجمع ظعائن وظعن بضمتين.
ويقال الضعينة في الأصل وصف المرأة في هودجها، سميت بهذا الاسم وإن كانت في بيتها. قال تعالى (ويوم ظعنكم ويوم إقامتكم) قوله: ومن طيب المنشأ إلى موضع الجفاء. المنشأ بالهمز مقصور، وهو موضع النشوء وزمان الحداثة، يقال نشأت في بنى فلان إذا شببت فيهم، مأخوذ من إنشاء الله له، أي ابتداء خلقه. وقوله صلى الله عليه وسلم (من بدأ جفا) أي من نزل البادية صار فيه جفاء الاعراب، والجفاء ممدود وهو ضد البر، يقال جفوت الرجل أجفوه، ولا يقال جفيت. وهو مأخوذ من جفاء السيل، وهو ما نفاه السيل، والحلة المنزل ينزله القوم وحيث يحلون.