ومن أدلة الجواز حديث عمر المتقدم في كتاب الزكاة (ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ما اتاك من هذا المال من غير مسألة ولا اشراف نفس فخذه، ومن أدلة الجواز حديث الرقية المشهور الذي أخرجه البخاري عن ابن عباس وفيه (ان أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله).
فإذا ثبت هذا: فإن كان الاجر على تعليم السورة لا يحفظها ففي صحة ذلك وجهان (أحدهما) يصح كما يصح شراء مالا يملكه ثمنه على أن يحصلها ثم يدفعها (والثاني) لا يصح لان المنفعة غير مقدور عليها فلم يصح.
قال العلامة الشربيني في المغنى على المنهاج: أما إذا استأجره مدة لجميعه فإنه لا يصح على الأصح فان فيه جمعا بين الزمان والعمل وحينئذ كان ينبغي أن يقول المصنف - يعنى النووي - تعليم قرآن بالتنكير، فان الشافعي رضي الله عنه في باب التدبير نص على أن القران بالألف واللام لا يطلق الا على جميعه، فإذا قدر التعليم بمدة كشهر هل يدخل الجميع أولا؟ أفتى الغزالي بان أيام السبوت مستثناة في استئجار اليهودي شهرا لاطراد العرف به . وقال البلقيني: ويقاس عليه الأحد للنصارى، والجمع في حق المسلمين، ثم قال ويشترط على المتعاقدين بما يقع العقد على تعليمه، فإن لم يعلماه وكلا من يعلم ذلك ولا يكفي ان يفتح المصحف ويقول: تعلمني من هنا إلى هنا، لان ذلك لا يفيد معرفة المشار إليه بسهولة أو صعوبة، فإذا أطلق العقد في تعلم القرآن ولم يشترط قراءة بعينها فقد قال الماوردي والروياني تفريعا على ذلك: يعلمه الأغلب من قراءة البلد كما لو أصدقها دراهم فإنه يتعين دراهم البلد، أي فإن لم يكن فيها أغلب علمه ما شاء من ذلك وهذا أوجه، فان عين له قراءة تعينت. فان أقرأه غيرها ولم يستحق اجرة في أحد وجهين يظهر ترجيحه، ولا يشترط رؤية المتعلم، ويشترط في المتعلم أن يكون مسلما أو يرجى إسلامه، فإن لم يرج لم يعلم كما يباع المصحف من الكافر.
(فرع) قال الشافعي وكذلك يملك المستأجر المنفعة التي في العبد والدار والدابة إلى المدة التي اشترط حتى يكون أحق بها من مالكها، ويملك بها صاحبها