السبق بأقدام معلومة كثلاثة أو أكثر أو أقل لم يصح على أحد القولين عند أصحابنا والثاني: يصح ويتخاطان ذلك كما في الرمي.
قال الماوردي في الحاوي الكبير: وإذا استقرت بينهما مع المحلل في الجري فيختار أن يكون في الموضع الذي ينتهى إليه السبق، وهو غاية المدى قصب قد غرزت في الأرض يسميها العرب قصب السبق ليحرزها السابق منهم فيتلقفها حتى يعلم بسبقه الداني والقاصي فيسقط الاختلاف، وربما كر بها راجعا يستقبل بها المسبوقين إذا كان مفضلا في السبق مباهيا في الفروسية.
(فرع) قال الشافعي رضي الله عنه: والسبق أن يسبق أحدهما صاحبه وأقل السبق أن يسبق أحدهما صاحبه بالهادي أو بعضه أو الكتد أو بعضه اه. فالسبق ضربان. أحدهما: أن يكون معتبرا بأقدام مشروطة كاشتراطهما السبق بعشرة أقدام ولا يتم السبق الا بها ولو سبق أحدهما بتسعة أقدام لم يكن سابقا في استحقاق البدل، وإن كان سابقا في العمل. والضرب الثاني: أن يكون مطلقا بغير شرط فيكون سابقا بكل قليل وكثير.
قال الشافعي رضي الله عنه: أقل السبق أن يسبق بالهادي أو بعضه أو الكتد أو بعضه، فأما الهادي فهو العنق، وأما الكتد ويقال بفتح التاء وكسرها والفتح أشهر، وفيه تأويلان. أحدهما: أنه الكتف. والثاني: أنه ما بين أصل العنق والظهر، وهو مجتمع الكتفين في موضع السنام من الإبل، فجعل الشافعي رضي الله عنه أقل السبق السبق بالهادي والكتد. وقال الأوزاعي: أقل السبق بالرأس وقال المزني: أقل السبق بالاذن استدلالا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بعثت والساعة كفرسي رهان كاد أحدهما أن يسبق الآخر باذنه:
قال الماوردي ردا على المزني: المقصود بهذا الخبر ضرب المثل على وجه المبالغة وليس بحد لسبق الرهان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من بنى لله بيتا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة) وإن كان بيت لا يبنى كمفحص القطاة وإنما لم يعتبر بالاذن كما قال المزني، ولا بالرأس كما قال الأوزاعي، لان من الخيل ما يزجى أذنه ورأسه فيطول، ما يرفعه فتقصر، فلم يدل واحد منهما على التقديم اه.