وقال الشافعي رضي الله عنه، ولو قال له: ارم عشرة أرشاق، فإن كان صوابك أكثر فلك كذا لم يجز أن يناضل نفسه. وقد اختلف أصحابنا في صورة هذه المسألة على وجهين.
(أحدهما) أن المزني حذف منها ما قد ذكره الشافعي في كتاب الام فقال فيه، ولو قال له: ناضل نفسك وارم عشرة أرشاق، فإن كان صوابك أكثر من خطئك فلك كذا لم يجز أن يناضل نفسه، فحذف المزني قوله: ناضل نفسك.
وأورد باقي كلامه وحكمه على هذه الصورة باطل باتفاق أصحابنا واختلفوا في تعليله فقال أبو إسحاق، وهو الظاهر من تعليل الشافعي: انه جعله مناضلا لنفسه، والنضال لا يكون الا بين اثنين فأكثر فاستحال نضال نفسه فبطل.
وقال آخرون: بل علة بطلانه أنه ناضل على خطئه لصوابه بقوله: إن كان صوابك أكثر من خطئك والخطأ لا يناضل عليه ولا به والوجه الثاني: ان المسألة مصورة على ما أورده المزني ههنا ولم يذكر فيه نضال نفسه وقال له: ارم عشرة أرشاق، فعلى هذا يكون في صحته وجهان من اختلاف العلتين:
(أحدهما) انه صحيح ويستحق ما جعل له التعليل الأول، لأنه بذل مال على عمل لم يناضل فيه نفسه.
والوجه الثاني: أنه باطل للتعليل الثاني أنه مناضل على خطئه وصوابه ويتفرع على هاتين المسألتين ثالثة، واختلف فيها أصحابنا بأيها تلحق؟ على وجهين، وهو أن يقول: ناضل وارم عشرة أرشاق، فإن كان صوابك أكثر فلك كذا فيوافق المسألة الأولى في قوله ناضل، وتوافق المسألة الثانية في حذف قوله: ناضل نفسك، وأحد الوجهين وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها في حكم المسألة الأولى في البطلان لأجل قوله: ناضل، والنضال لا يكون الا بين اثنين فصار كقوله:
ناضل نفسك، والوجه الثاني أنها في حكم المسألة الثانية في حمل صحتها على وجهين من اختلاف العلتين إذا سقط قوله: نفسك، صار قوله ناضل، يعنى ارم على نضال، والنضال المال، فصار كالابتداء بقوله: ارم عشرة أرشاق. والله أعلم