قال المصنف رحمه الله تعالى باب الرجوع في الوصية يجوز الرجوع في الوصية لأنها عطية لم تزل الملك فجاز الرجوع فيها كالهبة قبل القبض، ويجوز الرجوع بالقول والتصرف لأنه فسخ عقدا قبل تمامه فجاز بالقول والتصرف كفسخ البيع في مدة الخيار، وفسخ الهبة قبل القبض، وإن قال هو حرام عليه فهو رجوع لأنه لا يجوز أن يكون وصية له وهو محرم عليه، فان قال: لوارثي فهو رجوع لأنه لا يجوز أن يكون للوارث وللموصى له، وإن قال هو تركتي ففيه وجهان. أحدهما: أنه رجوع لان التركة للورثة، والثاني: أنه ليس برجوع لان الوصية من جملة التركة.
(فصل) وإن وصى لرجل بعبد ثم وصى به لآخر لم يكن ذلك رجوعا لامكان أن يكون نسي الأول أو قصد الجمع بينهما، فان قال ما وصيت به لفلان فقد وصيت به لآخر فهو رجوع، ومن أصحابنا من قال: ليس برجوع كالمسألة قبلها والمذهب الأول لأنه صرح بالرجوع.
(فصل) وإن باعه أو وهبه وأقبض أو أعتقه أو كاتبه أو أوصى أن يباع أو يوهب ويقبض أو يعتق أو يكاتب قهو رجوع، لأنه صرفه عن الموصى له، وإن عرضه للبيع أو رهنه في دين أو وهبه ولم يقبضه فهو رجوع، لان تعريضه لزوال الملك صرف عن الموصى له.
ومن أصحابنا من قال: إنه ليس برجوع لأنه لم يزل الملك، وليس بشئ، وإن وصى بثلث ماله ثم باع ماله لم يكن ذلك رجوعا لان الوصية بثلث المال عند الموت لا بثلث ما باعه، فإن وصى بعبد ثم دبره - فإن قلنا: إن التدبير عتق بصفة - كان ذلك رجوعا، لأنه عرضه لزوال الملك، وإن قلنا: إنه وصية وقلنا في أحد القولين: إن العتق يقدم على سائر الوصايا - كان ذلك رجوعا لأنه أقوى من الوصية فأبطلها، وان قلنا: إن العتق كسائر الوصايا ففيه وجهان