ولو كان لرجل ثلاثة كلاب ولم يترك شيئا سواها فأوصى بجميعها لرجل، فإن أجازها الورثة له وإلا ردت الوصية إلى الثلث، ثم في كيفية رجوعها إلى الثلث وجهان. أحدهما أن تستحق من كل كلب ثلثه فيحصل له ثلث الثلاثة، ولا يستحق واحدا بكماله إلا عن مراضاته، والوجه الثاني: أنه قد استحق بالوصية أحدها بخلاف الأموال، لان الأموال مقومه تختلف أثمانها، وليس كالكلاب التي لا تقوم، فاستوى فيه حكم جميعها، فعلى هذا فيه وجهان، أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه يأخذ أحدها بالقرعة. الثاني أن للورثة أن يعطوه أيها شاءوا فأما إن كان له كلب واحد ولا مال له غيره فأوصى به لرجل فهو كمن أوصى بجميع ماله، فإن أجازه الورثة وإلا كان للموصى له ثلثه وللورثة ثلثاه، ويكون بينهما على المهايأة. وإن ملك مالا فأوصى بهذا الكلب الذي ليس له كلب سواه ففي الوصية وجهان. أحدهما وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن الوصية جائزة في الكلب كله للموصى به له، لان قليل المال خير من الكلب الذي ليس بمال.
والوجه الثاني - وهو قول أبي سعيد الإصطخري - ان للموصى له ثلث الكلب إذا منع الورثة من جميعه. وإن كثر مال التركة لأنه مما لا يمكن أن يشترى فيساويه الورثة فيما صار إليهم من المال، فاختص الكلب بحكمه وصار كأنه جميع التركة، فلو ترك ثلاثة كلاب ومالا، وأوصى بجميع كلابه الثلاثة، فعلى قول أبي علي بن أبي هريرة: الوصية بجميع الكلاب الثلاثة ممضاة وإن قل مال التركة وعلى قول أبي سعيد الإصطخري تصح الوصية في أحدها إذا امنع الورثة من جميعها (فرع) قال الشافعي رضي الله عنه: ولو قال أعطوه طبلا من طبولي وله طبلان للحرب واللهو أعطاه أيهما شاء، فإن لم يصلح الذي للهو الا للطرب لم يكن لهم أن يعطوا إلا الذي للحرب وأصل هذه المسائل أن الوصية بما لا منفعة فيه باطله والوصية بما فيه منفعة مباحه ومنفعة محظورة ومنفعة مشتركة بين الحظر والإباحة ن فإن كانت المنفعة مباحه جاز بيع ذلك والوصية به، وإن كانت المنفعة محظورة لم يجز بيعه ولا الوصية به وإن كانت مشتركة جاز بيعه والوصية به لأجل الإباحة ونهى عن استعماله في الحظر